عقول إماراتية شابة، تخطط وتنظم،تفكر وتعمل بإصرار وبلا كلل لرفع سقف الطموح العالمي عبر جوانب ومجالات العمل المناخي كافة من أجل بناء حاضر ومستقبل أفضل وحماية كوكب الأرض لنا وللأجيال القادمة.
إنهم فريق المفاوضين الإماراتيين لمؤتمر الأطراف COP28، الذي كان من المحركات الأساسية للتوصل إلى توافق عالمي على “اتفاق الإمارات” التاريخي وإرساء معايير جديدة للعمل المناخي العالمي والذين التقاهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،رئيس الدولة “حفظه الله”، في فبراير الماضي ,هنأهم على إنجازات المؤتمر، وقلّدهم وسام زايد الثاني من الطبقة الأولى.
وأعرب أعضاء الفريق عن فخرهم واعتزازهم بهذا التكريم مثمّنين عالياً رؤية ودعم وتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة “حفظه الله”، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية رئيس اللجنة الوطنية العليا للإشراف على أعمال التحضير للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28.
من التأهيل إلى التألق.
تماشياً مع رؤية القيادة بتمكين الشباب والاستثمار بكثافة في تنمية قدراتهم وتعزيز مشاركتهم في القطاعات الحيوية حرصت رئاسة COP28 على تأهيل فريق من المفاوضين الإماراتيين الشباب الواعدين، لإدارة وتنسيق المسارات التفاوضية خلال المؤتمر وما بعده، والقيام بدور محوري في تحقيق تقدم ملموس في العمل المناخي، وبناء مستقبل دبلوماسية المناخ.
واستمرت هذه المهمة ثلاث سنوات منذ بدء الاستعداد لمؤتمر COP26 في غلاسكو الذي تم فيه اختيار دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر.
وفي الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات العام الماضي التي انعقدت قبل بدء المؤتمر بأيامٍ معدودة، قدم معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس COP28،أعضاء فريق الإمارات التفاوضي إلى المشاركين في الاجتماعات وأوضح جهودهم وتعاونهم البنّاء مع زملائهم في فريق COP28، وتركيز الجميع على العمل بروح الفريق الواحد،وأشاد بجهود المفاوضين الدؤوبة لتكريس التوافق بين الأطراف والمجموعات من جميع أنحاء العالم، وإيجاد فهم مشترك يتيح رؤية الصورة الشاملة لأهداف المؤتمر ودعمها.
ورغم صعوبة المهمة، استطاع الفريق أن يتَّحد ويعمل وينجز،ويفي بوعد دولة الإمارات بتقديم مؤتمر أطراف استثنائي، من خلال دعم النهج الاستراتيجي لرئاسة COP28، والذي تضمن القيام بجولة عالمية استباقية للاستماع والتواصل وتقصي الحقائق، بالإضافة إلى وضع خطة عمل للمؤتمر ذات مسارات تفاوضية واضحة وأهداف محددة.
وأكد معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر أن فريق المفاوضين الإماراتي أثبت قدرته على العمل بكفاءة وفعالية دبلوماسية عالية، ما سيعود على دولة الإمارات بفوائد كبرى مستقبلاً.
“مهمة دبلوماسية معقدة” .
فقد تولت هناء سعيد الهاشمي مهمة “كبير المفاوضين” في الفريق الإماراتي، مستندة إلى سنوات خبرتها في مجال التنمية المستدامة، لكي تسهم في الجهود المشتركة لدولة الإمارات واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث تقوم بمهمة مدير إدارة في مكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، وسبق لها المساهمة في وضع المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 الخاصة بدولة الإمارات، وفي ملف طلب استضافة COP28.
وقالت هناء الهاشمي : “طرحت رئاسة COP28 رؤيتها للهدف الأساسي من المؤتمر في يوليو من العام الماضي، وكان جانب كبير منها يتطلب موافقة جميع الأطراف، لذا، أجرى فريق المفاوضين عدداً كبيراً من المشاورات وجولات الاستماع والتواصل مع مختلف الأطراف لفهم أهدافهم من المؤتمر، ومواقفهم، والخطوات المرنة المطلوبة من الجميع لتحقيق التقدم اللازم.. وكانت مهمتنا التوفيق بين كل الأطراف لتحقيق نتيجة طموحة تحتوي الجميع من خلال COP28..واستطاعت رئاسة المؤتمر بدعم سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وتعاون حكومة دولة الإمارات، والتواصل الكثيف مع الأطراف، التَوصُل إلى “اتفاق الإمارات” التاريخي، الذي أصبح إطار العمل الدولي الجديد لتنفيذ الالتزامات المناخية العالمية، والحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية”.
وأضافت : “تحقق هذا الإنجاز بفضل الجهود الدؤوبة للفريق المكوَّن من 19 مفاوضاً إماراتياً التزموا برؤية وتوجيه القيادة ونهج رئاسة COP28، في مواجهة التحديات بذهنية إيجابية والنظر إلى العمل المناخي بوصفه فرصة لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي وعملوا بجِدّ خلف الكواليس ليلاً ونهاراً، وقاموا بدور حاسم في تحقيق النتائج التاريخية لـ COP28، فانطلقوا يجوبون أنحاء العالم، وأمضوا أوقاتاً طويلة في تكريس التوافق بين الأطراف لإقرار نص “اتفاق الإمارات”.. ووصف جون كيري، المبعوث الرئاسي الأمريكي السابق لشؤون المناخ، هذا الإنجاز بأنه “مهمة دبلوماسية صعبة ومعقدة”، وفي حديثه بمؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الأخير في باريس، قال إن “رئيس COP28 معالي الدكتور سلطان الجابر وفريقه، حققوا إنجازاً باهراً تمثل في توحيد الجهود العالمية وقيادتها خلال مؤتمر الأطراف، ومساعدة الجميع على التوصل إلى حل وسط”.
حلول متوازنة لتحديات التغير المناخي.
يمتلك عمر أحمد البريكي، نائب كبير المفاوضين في COP28، خبرة كبيرة في العمل مع القطاعين الحكومي والخاص، ومشروعات الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتولى مهمة رئيس وحدة التقييم البيئي في هيئة البيئة-أبوظبي، وحصل على زمالة قادة المناخ في كلية جاكسون للشؤون الدولية في جامعة ييل،إلى جانب زمالة برنامج خبراء الإمارات، الذي يؤدي فيه دور ممثّل قطاع مصادر الطاقة المتجددة والاستدامة.
بنظرة تستعيد الذكريات، قال البريكي إن “بناء الفريق قد اكتمل في فترة وجيزة، وهذا نجاح كبير وضم أفراداً من قطاعات ومِهَنٍ وخلفيات متنوعة، واستمر تكوين الفريق أثناء العمل، ونجح أفراده في بناء وتطوير قدراتهم في جميع المجالات المطلوبة وكان من أعضائه ثلاثة فقط يملكون خبرات دبلوماسية”.
وأوضح البريكي أنه تحت إشراف ومتابعة رئاسة المؤتمر، تم تدريب أفراد الفريق وصقل خبراتهم بالممارسة العملية، ليصبح من أقل فرق التفاوض سناً في تاريخ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث يبلغ متوسط عمر أعضائه 33 عاماً.
ورأى البريكي أن مهمة المفاوض هي “تحديد مشكلات طرف أو مجموعة، واكتشاف سبل التخفيف منها وحلها”، وأن المفاوض الجيد هو الذي “يستمع 90 في المائة من الوقت”.
وأوضح أن أعضاء الفريق تحدثوا، خلال الأشهر الستة الأولى من عملهم، مع جميع المعنيين لفهم الفروق الدقيقة في اهتمامات وشواغل كل طرف ومجموعة تفاوضية، وبعد ذلك أمكنهم وضع تصور متكامل للحلول المطلوبة وكانت مهمة رئاسة COP28 إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف، من خلال فهم أدوراهم ومواقفهم، وتهيئة الفرصة أمامهم للتلاقي والتعاون، دون ضغط لاتخاذ قرار بعينه واختص كل عضو بفريق التفاوض بمسار محدد، وقاد هذا الفريق الشاب جهوداً دولية كبرى لإقرار “اتفاق الإمارات” التاريخي.
فريق يبتكر ويتفوق .
تم اختيار وبناء فريق المفاوضين من الكوادر الإماراتية الشابة بدقة شديدة كون مهمتهم بحاجة إلى مهارات عالية في مجالات متخصصة، والقدرة على العمل تحت ضغط جداول زمنية ضيقة، والتواصل بوضوح وفاعلية مع مختلف الثقافات.
وقبل تولي أدوارهم في المفاوضات خلال COP28، تم توفير الدعم والتوجيه والمشورة والتدريب اللازم لصقل مهاراتهم، وليكونوا جزءاً أساسياً من إرث المؤتمر لدولة الإمارات والمنطقة والعالم.
على سبيل المثال، يملك أحمد آل غردقة، المفاوض والقانوني، خبرة كبيرة في البحث الأكاديمي وشؤون القانون الدولي والدبلوماسية والمفاوضات، وتم تأهيله لترسيخ مكانة دولة الإمارات في المناقشات المناخية العالمية، ودعم تحقيق أهداف العمل المناخي، بالتزامن مع تعزيز العلاقات مع المعنيين العالميين. وكذلك ميثاء النوري، التي أكملت دراستها القانونية عام 2014 في جامعة باريس ديكارت، وهي غواصة تشارك في أوقات فراغها في ترميم واستعادة المُرجان في الفجيرة والشارقة لشغفها بحماية البيئة وتتولى مسؤولية قيادة عملية التفاوض الخاصة بموضوع معالجة الخسائر والأضرارالناتجة عن تداعيات تغير المناخ، ونجحت مع الفريق في تحقيق نجاح باكرٍ لـ COP28 عندما تم تفعيل وبدء تمويل صندوق عالمي مختص بالمناخ ومعالجة تداعياته في اليوم الأول من المؤتمر، وذلك بعد 40 عاماً من المحاولات العالمية لإنشائه وتفعيله.
جهود استثنائية ومهمّة مستمرة .
وقال عبد العزيز حارب، المسؤول عن المفاوضات الخاصة بمجال التكنولوجيا والعلوم وبناء القدرات، إنه استفاد كثيراً من تجربته مع الفريق الذي يأتي أعضاؤه من خلفيات متنوعة ويتبادلون الخبرات، ورأى أن السنوات الثلاث التي قضاها ضمن الفريق تعادل عشر سنوات من العمل المعتاد، نظراً للممارسة العملية الكثيفة.
وأضاف حارب أنه رغم الإنجاز الباهر لـ COP28 فالمهمّة لم تنتهِ بعد، إذ لا يزال هناك COP29 وCOP30، ولا تزال الإمارات في سنة رئاستها، وأنه بفضل رئاسة المؤتمر، يشعر كل فرد بالفريق بالثقة والقدرة على تحقيق الأهداف المحددةوالمساهمة في ترسيخ مكانة الإمارات الرائدة في دبلوماسية المناخ الدولية وبناء مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة.
بدأ حارب مسيرته المهنية بإجراء المفاوضات التجارية والاقتصادية في وزارة الاقتصاد لمدة أربع سنوات في دائرة الاقتصاد والاتفاقيات، ثم انتقل إلى مكتب وزير الاقتصاد ليعمل مديراً للمشروعات، وأسهم في كثير من المشروعات كان منها ما يختص بالمناخ، ومعظمها يعتمد على التكنولوجيا، لذا، تمت التوصية بأن يتولى قيادة فريق مفاوضات التكنولوجيا والعلوم والابتكار وبناء القدرات، الذي يختص بالعمل مع القطاع الخاص والشركات، وهو مجال خبرته الذي بنى فيه شبكة معارف قوية خلال ثماني سنوات.
وبابتسامة متفائلة يصر على الاحتفاظ بها في وجه التحديات قال عبد العزيز حارب، إن فريق المفاوضين الإماراتي لـ COP28 نموذج لفرق العمل الناجحة وأسس تشكيلها وعملها، إذ يمتاز بالمرونة والتكيّف والتماسك، والدعم المتبادل بين مختلف التخصصات، والتركيز الكامل على الهدف طوال فترة الإعداد للمؤتمر وأثنائه وحتى الآن، موضحاً أن هذا التركيز يأتي بفضل تشجيع القيادة الرشيدة ودعمها، وحِرص الفريق على تمثيل دولة الإمارات بما يبرز دورها في رقي الإنسانية وبناء مستقبلها، واستلهم الفريق نجاحه من عطاء القادة وشغفهم بالتميز وسعيهم الدائم إلى الأفضل، وتحقيق الصدارة للإمارات في أي مشروع أو مبادرة.
وشاركته الرأي ثريا العلي المسؤولة عن المفاوضات الخاصة بموضوع “الحصيلة العالمية”، والتي تحمل درجات أكاديمية عليا في القانون، وتختص في القانون الدولي لحقوق الإنسان ومشروعات حق الامتياز العالمية متعددة الاختصاصات، حيث سبق لها العمل مستشارةً قانونية لشركة موانئ دبي العالمية في كلٍّ من دولة الإمارات والمملكة المتحدة، وأتاح لها شغفها بالعمل الدبلوماسي المناخي إحداث أثر إيجابي ملموس في القطاع البيئي، كما تدير مشروعاً شخصياً يُعنى بتصميم ودعم الأزياء الحرفية المستدامة.
قيادة مُلهِمة .
أما إيمان السويدي، المسؤولة عن مفاوضات أسواق الكربون فقالت إنها اكتسبت خلال عملها ضمن فريق المفاوضين الخبرة السياسية اللازمة، وكذلك ساعدتها دراستها لهندسة الكيمياء كثيراً في تنظيم الأفكار وتحليل الموضوعات والمشكلات، ودعمتها في مفاوضات أسواق الكربون، وهي مجال فريد، لأنه يعنى بالاقتصاد والتمويل، ومشروعات خفض الانبعاثات، ويمتد إلى مجال التكّيف مع تداعيات تغير المناخ، ولذلك، يتسم تنفيذ حلوله بالصعوبة والتشعب.
وأوضحت السويدي أن المفاوضات الخاصة بمختلف موضوعات تغير المناخ تكتسي صعوبة أكبر ترجع إلى أن القرار يُتَّخذ بالإجماع وليس بالأغلبية، لذا، فإن توحيد آراء 198 طرفاً بشأن قرار معين هو التحدي الكبير، ومعيار النجاح الأول، وتشير إلى ما واجهه فريق المفاوضين من تباين شديد في آراء بعض مجموعات التفاوض الكبيرة حول بنود يصعب إيجاد حلول وسط بشأنها في ما يخص ملف المادة السادسة لاتفاق باريس المتعلقة بأسواق الامتثال وأسواق الكربون الطوعية، وأن الصعوبة تزداد عندما تكون المشكلة تقنية وليست سياسية، حيث يتمسك كل طرف بحلوله، مما يزيد من تعقيد التوصل إلى القرار المطلوب بتفاصيله الكثيرة المتشعبة.
وأضافت: “كان من التحديات الأخرى إثبات جدارتنا وكسب ثقة المفاوضين، خاصةً مفاوضي الدول الفاعلة والمجموعات النشطة في ملفنا لكنَّ الفريق تجاوز هذه الصعوبات بالإدارة المتميزة العملية للملفات، وأثبت شجاعته، ونال احترام الجميع”.
وبنبرة ملؤها مشاعر الفخر قالت إيمان السويدي: “رزقنا الله قيادة ملهمة لذلك فإن مصدر إلهامنا الأول هو قيادتنا، وحكمتها، وثقتها بقدرات الشباب وإمكانياتهم، وفي مؤتمر الأطراف، كنا نتلقى دائماً رسائل القيادة من خلال معالي الدكتور سلطان الجابر،رئيس المؤتمر، وكانت دائماً رسائل إيجابية، والحمد لله تشرفنا بلقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”،مرتين.. في المرة الأولى، أكد ثقته بنا وعزز ثقتنا بالقدرة على أداء المهمة، وكان ذلك في شهر أغسطس العام الماضي، والمرة الثانية كانت تكريماً بعد أن تكلل COP28 بالنجاح”.
صورة مشرقة للإمارات والمنطقة .
ثريا قرقاش هي المسؤولة عن مفاوضات برنامج عمل الانتقال العادل في COP28، الذي يسعى إلى ضمان التنفيذ المُنصف عبر جميع ركائز اتفاق باريس، وهي خريجة جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وحاصلة على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية مع تخصص ثانوي في علم النفس، إضافة إلى شغفها بقطاع البيئة وتغير المناخ نظراً إلى أهميته المتزايدة، كما تهوى الفن وتستمتع بالرسم وصنع الفخار.
انتقلت ثريا، أصغر أعضاء فريق التفاوض سناً وأحدثهم انضماماً، من قسم الاستراتيجية في COP28 إلى مكتب المدير العام، وتم تكليفها بدعم فريق المفاوضين واكتساب خبرة التفاوض خلال مؤتمر بون لتغير المناخ.
وقالت بنبرة ملؤها الإيمان بأهمية دورها ومهمتها: “هناك أدركت أهمية فريق المفاوضين، ودوره في التواصل مع مفاوضي الدول الأخرى بكل حيادية، لتيسير التوافق على الحلول والنتائج المنشودة، لذا، طلبت الانضمام إلى الفريق لأقوم بدوري في خدمة الوطن وبناء مستقبل أفضل للجميع”. وتحرص ثريا بكل حماس على إعطاء صورة إيجابية واقعية عن تقدّم دولة الإمارات في مختلف مشاركاتها، وتسارع بالفعل قبل القول لتصحيح المفاهيم وتغيير وجهات نظر من يظنون أن المنطقة العربية والخليجية متأخرة رغم تنوعها الكبير في الأفكار والمواهب والمهارات، وكان حماسها لوطنها هو ما دعمها ومنحها قوة الاستمرار في أثناء ساعات العمل الطويلة، والمفاوضات الصعبة.
بين السماء والأرض لتحقيق أهداف العمل المناخي .
عامر الكندي، مسؤول مفاوضات التكيف المناخي في COP28، يحمل درجة الماجستير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية ودبلوم الدراسات العليا في الشؤون في الدبلوماسية الإماراتية والعلاقات الدولية، كما يملك رخصةً لقيادة الطائرات التجارية، وهو طبيب ممارس سابق في أبوظبي، وسعى عامر إلى تحقيق مخرجات طموحة لـ COP28 خاصةً اعتماد إطار عمل عالمي للتكيف، على أن يكون إطاراً فعالاً يحفز تفعيل الهدف العالمي للتكيّف المناخي المذكور في اتفاق باريس، ويلبي احتياجات المناخ والتكيف العالمية المختلفة.
وقال الكندي إن العالم خاصة الدول النامية، كان يطالب في السنوات الأخيرة بزيادة التركيز على التكيّف المناخي، والموازنة بين الأهمية المعطاة للتكيّف والتخفيف، خاصةً أن دول العالم النامي هي الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، وتحتاج إلى دعم مالي وفني كبير لبناء قدراتها لمواجهة تداعيات تغير المناخ والتكيّف معه، ونجحنا في ختام مؤتمر COP28 في اعتماد “إطار الإمارات للمرونة المناخية” الذي يتيح تفعيل الهدف العالمي للتكيّف، ويوضح آلية تنفيذه.
وأضاف : “كان لابد من تعميق فهمنا لملفات المناخ وتطوير مهاراتنا التفاوضية في أسرع وقت ممكن، وبفضل الله وثقة القيادة بنا وبدعم رئاسة COP28، كثَّفنا جهودنا ونجحنا في ذلك خلال عام ونصف واستفدنا من وجود فريق من المستشارين الدوليين ممن لديهم خبرة في مجال مفاوضات المناخ في بلدانهم، وحضر بعضهم 15 مؤتمراً للأطراف”.
وأضاف الطبيب الطيار: “كان تطوير واعتماد إطار عام عالمي للهدف العالمي للتكيّف مهمّة شديدة الصعوبة، لأنه رغم مرور نحو 30 عاماً على بدء مؤتمرات الأطراف، لم يتم وضع هذا الإطار نظراً لتعقيدات بنائه وتحديد تفاصيله، وواجه المفاوضون الدوليون من جميع أنحاء العالم مشكلات في وضع تصور عام واضح لهيكل الإطار وتفاصيله يحظى بإجماع الأطراف، وبذل فريق مفاوضات التكيّف جهد كبيراً في إعداد مشروعات فنية مع دول العالم ومجموعات التفاوض المختلفة، وعقدنا اجتماعات تشاورية كل شهر أو شهرين، واستطعنا إرساء مبدأ المرونة في تطبيق الإطار، بحيث يمكن تطبيقه حسب احتياجات وظروف مختلف الدول”.
وقال عامر في ختام حديثه: “أصعب موقف واجهنا قبل COP28 كان انتهاء مؤتمر بون في يونيو بمخرجات ضعيفة جداً في مجال التكيّف وخلافات كبيرة بين الدول.. وخلال COP28، انتهى الأسبوع الأول من المؤتمر، وهو أسبوع المفاوضات الفنية، من دون التوصل لتوافق على أي نص، ولم يكن أمامنا سوى أربعة أيام لإقرار النص المطلوب، ورغم ذلك، ضاعف فريق العمل الجهود وكثّف التواصل والتعاون الدولي والمشاورات إلى أن تكللت جهودنا بالنجاح وتم التوصل إلى الإطار المنشود”.
فريق الأحلام هكذا يصف عمران المزروعي، المفاوض في فريق التمويل المناخي، الفريق الذي يضم زملاءه المفاوضين، الذين يمتلكون مزيجاً فريداً من المهارات والخبرات المتنوعة.
بدأ شغف عمران واهتمامه بالبيئة والمناخ باكراً، ودرس الهندسة البيئية، ثم عمل في هيئة البيئة-أبوظبي التي تدعم جهود الإمارة في حماية البيئة، ثم أصبح عضو مجلس إدارة في الهيئة العامة للطيران المدني ليسهم في تشكيل استراتيجيات مستدامة وداعمة للمناخ في القطاعين الحكومي والخاص من خلال دوره الاستشاري.
وحين يقف عمران، بعد 100 يوم على اللحظة التاريخية التي تم الإعلان فيها عن توافق العالم على “اتفاق الإمارات” في ختام COP28، ليتذكر ويتفكر في تحديات تلك الرحلة وثمار الجهد المخلص، يؤكد وهو يهز رأسه بثقة أن اللحظات الصعبة قد مرت بسلام، وقال: نجحنا في إخراج “اتفاق الإمارات” للنور، والمهم الآن هو تنفيذه.
وبابتسامة راضية عبر عمران عن شعوره بالفخر، والمسؤولية، وضرورة بذل أقصى الجهود لترسيخ إرث COP28، ودعم مكانة دولة الإمارات على الساحة الدولية ودورها الريادي في مفاوضات المناخ الذي قام على تحويل النقاشات والأقوال إلى أفعال وإجراءات وحلول ملموسة.
وضم فريق مفاوضي مؤتمر الأطراف COP28 كلاً من هناء سعيد الهاشمي، وعمر أحمد البريكي، وإيمان أستاذي،وعبدالله الرميثي، وإيمان السويدي، وثريا العلي، وعامر الكندي، وميثاء محمد الكعبي، ومحمد عبدالله الشريفي، وإسراء الحوسني، وعمران خالد المزروعي، وعبدالعزيز حارب الطنيجي، وعبدالله الحمادي، وغانم هبليل، وأحمد آل غردقة، وسارة أحمد الهلالي، وميثاء النوري، وآسيا الشحي، وأمل القرقاوي، وعائشة محمد الحميري، وثريا قرقاش، وفاطمة حوكل، وفاطمة الحلامي، وميثاء المنصوري، وفاطمة الحبشي، وموزة إسماعيل الزعابي، ومحمد المهيري، وأحلام المناعي، ونوال الهنائي، وعبد المعطي مراد،وشيخة شريف، وعذراء إبراهيم، وشيماء مبوانا.
كان COP28 الذي استضافته دولة الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 2023 قد شهد في ختامه توافق الأطراف الـ 198 في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على “اتفاق الإمارات” التاريخي الذي دشن مساراً جديداً للعمل المناخي العالمي.
وقدم المؤتمر أيضا قرار الاستجابة لنتائج أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم في تنفيذ اتفاق باريس، وبرنامج عمل التخفيف من الانبعاثات، ونجح لأول مرة في الإشارة في النص التفاوضي المتفق عليه إلى الالتزام بتحقيق انتقال منظّم ومسؤول ومنطقي وعادل إلى منظومة طاقة خالية من مصادر الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته، وأقر في أول أيامه أجندة العمل وقرار تفعيل وبدء تمويل الصندوق العالمي المختص بالمناخ ومعالجة تداعياته.
وحققت خطة رئاسة COP28 نتائج أخرى مهمة منها ما هو بشأن موضوع التكيف، كإقرار إطار عمل الإمارات للمرونة المناخية العالمية، وانضمام 159 دولة إلى التعهد بشأن الأغذية والزراعة، وإقرار 144 دولة للتعهد الخاص بالمناخ والصحة، وهما تعهدان غير مسبوقين ضمن 11 إعلاناً وتعهداً أطلقتها رئاسة COP28 ولقيت تقديراً دولياً تاريخياً وتستهدف تقديم الدعم العملي لتدابير التكيف مع تغير المناخ وتخفيف تداعياته، وحماية الدول الأكثر عرضةً لتداعيات تغير المناخ.
ونجح COP28 أيضاً في جمع وتحفيز تعهدات دولية جديدة لتمويل العمل المناخي تزيد قيمتها على 85 مليار دولار، بما يشمل إطلاق دولة الإمارات لصندوق “ألتيرّا”، أكبر صندوق خاص في العالم لتحفيز الاستثمارات التي تركز على حلول مواجهة تغير المناخ، وتعهُّد الدولة بتمويله بمبلغ 30 مليار دولار، بهدف جمع وتحفيز 250 مليار دولار لدعم العمل المناخي الفعال على مستوى العالم.
ولضمان استمرارية العمل المشترك وتنفيذ مخرجات المؤتمر وتحويلها إلى نتائج ملموسة، أعلنت رئاسة COP28 الشهر الماضي عن إطلاق ترويكا رئاسات مؤتمرات الأطراف بالشراكة مع رئاستَي COP29 في أذربيجان وCOP30 في البرازيل لتوحيد الجهود مع رئاستَي مؤتمري الأطراف المقبلَين، بهدف رفع سقف الطموح ودعم استمرارية العمل ومعالجة الثغرات بين مؤتمرات الأطراف، لتعزيز تنفيذ “اتفاق الإمارات” التاريخي وترسيخ إرث دولة الإمارات للبشرية وكوكب الأرض.