أطلقت مؤسسة دبي للمستقبل إصداراً خاصاً من تقريرها المعرفي “تقرير الفرص المستقبلية: 50 فرصة عالمية” يتناول أبرز الفرص الواعدة التي يمكن البناء عليها لبناء شراكات دولية مؤثرة وإطلاق مشاريع ومبادرات شاملة لتمكين الشباب حول العالم وتصميم مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

وتم إطلاق التقرير بالتزامن مع اقتراب موعد انعقاد “مؤتمر القمة المعني بالمستقبل” الذي تنظمه الأمم المتحدة خلال الفترة من 22 – 23 سبتمبر الجاري في مدينة نيويورك الأمريكية، لمناقشة الفرص التي يحملها المستقبل للشباب والأجيال القادمة.

وتشمل هذه الطبعة الخاصة آراء ورؤى 14 خبيراً من مؤسسات بحثية وأكاديمية من دولة الإمارات ومختلف دول العالم بما في ذلك كندا وإيطاليا والهند والولايات المتحدة وأستراليا، استعرضوا رؤاهم الخاصة حول الفرص المتعلقة بالشباب والأجيال القادمة وتمكين المجتمعات وتوفير الحلول للاحتياجات البشرية الأكثر إلحاحاً، وتحفيز الابتكار بين الأفراد والمجتمعات، وتمكين تحول البشرية للواقع الجديد، والاقتصادات المبتكرة.

وذكر التقرير أن شريحة الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً تشكل نحو 16٪ من سكان العالم، أي حوالي 1.2 مليار شاباً. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة بنحو 7٪ بحلول عام 2030 ليصل العدد إلى حوالي 1.3 مليار شاباً، إلا أن نسبتهم من إجمالي سكان العالم ستنخفض على مدار العقود القادمة.

ويشكل هذا التقرير دعوة عالمية لصُنّاع السياسات والمسؤولين وقادة الحكومات والمجتمعات لتوحيد الخطط والاستراتيجيات المستقبلية والاستفادة من الفرص الحالية والواعدة للعمل بشكل مشترك من أجل تحقيق النمو والازدهار وتعزيز جودة الحياة للشباب والأجيال القادمة.

وتهدف مؤسسة دبي للمستقبل من خلال هذا التقرير المعرفي إلى مشاركة رؤيتها حول المستقبل مع الخبراء والشركاء والمؤسسات والمنظمات الدولية لمناقشة أهم الفرص المستقبلية التي يمكن تحقيقها على المدى القريب أو البعيد، ومواكبة أهم التحولات والتوجهات العالمية التي حددها التقرير ومنها ثورة المواد، وتسارع الانتقال إلى الواقع الرقمي الجديد، وإعادة تحديد الأهداف الإنسانية، وتزايد الاهتمام بالصحة المتقدمة والتغذية.

وتضمنت الفرص التي تناولها التقرير عكس المسار المهني التقليدي، ليحصل الشباب في بداية حياتهم المهنية على دعم مالي ليتفرغوا لاستكشاف اهتماماتهم المستقبلية، وهذا ما قد يعيد هيكلة منظومة العمل في ظل التحولات الجذرية وظهور نماذج عمل جديدة. وهنا تبرز التغيرات تساؤلات محورية حول مستقبل العمل: كيف سيتغير شكل العمل؟ وهل سيظل العمل يحظى بنفس الأهمية؟ وكيف يمكننا إيجاد فرص جديدة في ظل تراجع الأهداف التقليدية للوظائف؟

وأشار التقرير إلى فرصة مستقبلية مهمة حول ضرورة أن تضم مجالس الإدارة ومجالس الأمناء في الشركات والقطاع الحكومي والمجتمع المدني أفراداً من جميع الأجيال، ليصبح هذا التنوّع من أبرز مبادئ حوكمة الشركات وقاعدة رئيسية في جميع المعايير القانونية والتنظيمية والدولية.

وذكر التقرير أن الاستغناء عن الترتيب التقليدي للصفوف الدراسية قد يسهم بتزويد طلاب المرحلة الثانوية بالثقة والمرونة، وتعزيز صحتهم النفسية، وتمكينهم من استكشاف الإمكانات المستقبلية واتخاذ قرارات قائمة على المعرفة، ضمن بيئات تتكيّف مع احتياجاتهم الشخصية بالكامل وتقدم لهم معرفة متنوعة.

ويُعد هذا التحول إجراءً ضرورياً لمستقبل الأجيال القادمة، فالمهارات المطلوبة في سوق الوظائف في القرن الحادي والعشرين تختلف اختلافاً كبيراً عن تلك التي كانت مطلوبة في الماضي، إذ يتجه حالياً أصحاب العمل إلى البحث عن مهارات التفكير النقدي والإبداع والتعاون والثقافة الرقمية.

وفي قطاع التعليم أيضاً، ذكر التقرير أهمية إحداث تحول جذري من خلال تطوير برامج تعليمية قائمة على مفهوم الحكمة، مما يعزز قدرة الطلاب على التفكير المنطقي المنفتح ثقافياً واكتساب المهارات اللازمة لمعالجة التحديات المعقدة التي تفرضها التقنيات الناشئة على الشباب وكبار السن. ويمكن أن يعزز التركيز على الحكمة من قدرة الشباب والأجيال القادمة على اجتياز الأوقات التي تسودها حالات الغموض على نحو متزايد بنهج مدروس ومستدام.

وتناول التقرير أيضاً أهمية تركيز الحكومة والمجتمع على ضمان أعلى مستويات السعادة وجودة الحياة والتطوير الذاتي للأجيال القادمة، بحيث تجعل الحكومات تحقيق الذات أولوية في جميع تشريعاتها، وهو ما يؤثر على أولويات سياساتها المختلفة وأولويات مواطنيها كذلك، خاصة أنه في ظل تحوّلات الاقتصاد ومستقبل سوق العمل، يصبح السعي لتحقيق الذات ضرورة حتمية لضمان مستقبل مزدهر.

وتطرق التقرير كذلك إلى زيادة الوقت الذي يقضيه الأفراد في منازلهم بنسبة 30٪ ، مما أدى إلى زيادة الطلب على جميع الخدمات الخاصة بالمنازل. ومع استمرار توسع المدن والنمو السكاني وتغيّر المناخ، من المتوقع أن يستمر الأفراد في العيش في بيئات ذات كثافة سكانية عالية، مما يزيد من التحديات المرتبطة بإدارة الموارد. وتعد المنازل الذكية القادرة على التواصل والتنبؤ باحتياجاتنا وترجمة أفكارنا ومشاعرنا والتكيف معها ومع المتطلبات البيئية والسياسات العالمية، تعد تحولاً جذرياً في حياتنا وتتيح فرصاً غير مسبوقة لتحقيق أقصى درجات الراحة والكفاءة.

وتشمل الفرص الواردة في التقرير أيضاً إمكانية إتاحة الخدمة المجتمعية مدفوعة الأجر للجميع بشكل قانوني، مما يؤدي إلى تغيير النظرة الشائعة حول العمل والتلاحم المجتمعي والمشاركة المجتمعية والبيئية، ويتيح الفرصة للأفراد للإسهام في تنمية مجتمعاتهم قبل بدء حياة مهنية أو مرحلة جديدة في حياتهم.

وتوجد فرصة واعدة في قطاع الصحة تتمثل في ابتكار أجهزة متنقلة مزودة بتكنولوجيا النانو المتقدمة يمكنها التعرف على البكتيريا على الفور، مما يتيح معالجة المريض بشكل أدق وأسرع، من دون الحاجة إلى الفحوص البكتيرية التي تستغرق وقتاً طويلاً.

وذكر التقرير أن الذكاء الاصطناعي المتاح للجميع سيعزز مفهوم المساواة وسيحفز جهود الابتكار من خلال تمكين الأفراد والأكاديميين والشركات الناشئة والقطاع الحكومي من تحسين جودة قدرات نماذج الذكاء الاصطناعي وتعزيز مصداقيتها، وزيادة الثقة في أنظمة الذكاء الاصطناعي المتاحة للجميع، وهو أمر حيوي ومهم للشباب والأجيال القادمة.