أكد سعادةُ الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيسُ الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقافِ والزكاة أنَّ تجربةَ التسامح في دولة الإمارات لم يسبقْ لها مثيلٌ، وهي أفضل نموذجٍ عرفته الإنسانية، لأنه نابعٌ من الإرادة الذاتية لهذا الشعب ومن إيمانِه وثقافته وتراثه، وهو اختيارُ الآباء والأجداد، وواجبٌ أخلاقيٌ وقانونٌ ملزمٌ في الدولة.

وقال الدكتور الدرعي خلال المحاضرة التي قدَّمها في جامعة الشارقة بمناسبة افتتاحِ أنشطة الموسم الأكاديمي لمنتدى الأمنِ الفكري في الإسلام.. إنَّ معيارَ التسامح الحقيقي والفاعلِ هو مدى واقعيتِه بين أبناء الوطن الواحد، مؤكداً على التشبث به، وتبنيه وتعزيزِ حمايته خاصةً في عصر العوالم المفتوحة، فالوطنُ يستوعبُ جميع أبنائه والمنتمين إليه مع تنوعهم وتعددِ مشاربهم، يتعايشون فيه باحترامٍ دون إقصاءٍ، عبر رابطة التسامح التي هي جزءٌ من الهوية الوطنية التي تحقق الاستدامةَ وتضيءُ الطريقَ للتطور والنماء، وتجعلُ الارتباطَ بين الإنسان وبين قيادته ووطنه قوياً لا يمكن إيجادُ الثغرات فيه.

وأضاف الدرعي أنَّ القرآنَ الكريم؛ يجسدُ أهميةَ التسامح ضمن دائرة الوطنِ ووحدته، وأنَّ هذه الدائرة هي الأصل في إشعاعه كما في آيةِ الأمر بالتعارف، فالقرآنُ يتنقل في ثناياه بين قصصِ الأنبياء والأديان والثقافات والأمم من أجلِ تعميقِ المعرفة بالآخر، مشيراً إلى أنَّ غالب فترات التاريخ كانت العواصمُ الإسلامية فضاءاتٍ للتسامح؛ تتعانق فيها المآذنُ وأبراج الكنائسُ ومنارات المعابد، وتتجاور فيها الأديانُ والثقافات جنباً إلى جنبٍ.

وبينَ سعادتُه أنَّ التسامح قانونٌ كونيٌّ وضرورةٌ وجوديةٌ وهو سقفٌ مفتوحٌ على كل نافعٍ جميلٍ وأنَّ التعاونَ والتسامح والتعايش من أقوى أسباب البقاء، وأنَّ الكراهية والعنفَ والطائفية من أسباب الفناء فالتساهل معها مُحْرِقٌ ومؤذٍ للأفراد والمجتمعاتِ والأوطان والإنسانية جمعاء داعياً إلى اليقظة الدائمة بترسيخِ المعرفة التي قال إنها أساسيةٌ في قضية التسامحِ فالتفاهمُ من الفهم، والتعارفُ من المعرفة، وهي أساسُ الاعترافِ والتعارف.