أعلن مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في ختام مؤتمره العالمي الثاني: “نحو الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية – المنهجية الحضارية، والتطبيقات الواقعية، وأخلاقيات الاستدامة”.. عن إطلاق “جائزة الإمارات العالمية للدراسات الإفتائية والاجتهاد الحضاري” و تُمنح للمؤسسات الإفتائية والأبحاث المتميزة في مجال الإفتاء الشرعي..انطلاقًا من الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات وخططها في تصميم مستقبلها وتعزيز مكانة البحث العلمي.وتهدف الجائزة إلى تشجيع المؤسسات الإفتائية الرسمية للتنافس الإيجابي في مجال البحوث والدراسات الإفتائية، وتمكين البحث العلمي والدراسات الجادة في تطوير المنظومة الإفتائية، وتفعيل الاجتهاد الحضاري في القضايا الفقهية المستجدة، وتعزيز مساهمته في مجالات التنمية، فضلاً عن تعزيز القيم الإنسانية وترسيخ مبادئ الاعتدال والتسامح في صناعة الفتوى الشرعية.
وكانت فعاليات المؤتمر انطلقت في العاصمة أبوظبي على مدار يومين برعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية ومشاركة وحضور أكثر من (160) خبيراً ومختصاً في العلوم الشرعية والعلوم الطبيعية من مفتين وقانونيين وأطباء ومهندسين وأكاديميين ومفكرين وعلماء الفلك ورواد الفضاء، يمثلون (50) دولة.
وعبّر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي والمشاركون .. عن خالص الشكر وجميل الثناء وصادق الدعاء إلى مقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي-رعاه الله- وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وسمو أولياء العهود، ونواب الحكام، على الرعاية والدعم الدائمين للمبادرات العلمية والإفتائية الرائدة التي تظهر سماحة الدين الحنيف وتنشر قيم التسامح والاعتدال.
و دعا المؤتمر إلى زيادة الوعي، وتنمية الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا البيئة، والصحة، والطاقة المتجددة، والفضاء، ومواكبة مستجداتها، واستثمار الفتوى الشرعية في التوعية بهذه المسؤولية، واستحضار التشريعات والقرارات المنظمة لها، استنادًا على المبادئ التي حث عليها ديننا الحنيف في تعاليمه وتوجيهاته العامة، للمحافظة على مكونات البيئة وسلامة الإنسان، واستدامة الأمن الغذائي دون إخلال بالتوازن البيئي.
وسلط المؤتمر الضوء على الإرث الوطني الديني في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال المعرض الذي أقيم على هامش المؤتمر: “الإرث الإماراتي: رواية حضارية في القيم الدينية والإنسانية”، والذي يؤكد على مكانة الهوية الدينية الوطنية وجذورها التاريخية المتأصلة، المبنية على قيم الاعتدال والتسامح والانفتاح الحضاري، وربط الأجيال بها لتعزيز استدامتها.
وأوصى بإنشاء منصة عالمية افتراضية بإشراف مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وبمشاركة العلماء والخبراء المتخصصين من مختلف دور الإفتاء والمؤسسات الوطنية؛ لإجراء الأبحاث المحكمة والدراسات المعمقة والتجارب الميدانية واللقاءات المعرفية حول القضايا العلمية المستجدة، فضلاً عن التعريف بـ “وثيقة أبوظبي للمستجدات العلمية” والتي أطلقها المؤتمر للتعامل مع المستجدات العلمية، وتعميمها وترجمتها إلى اللغات العالمية وتدريسها في الحقول التعليمية والمعرفية، واعتبارها أحد المصادر الحضارية في الجهات والمؤسسات الإفتائية.
كما أوصى المؤتمر بإعداد مبادرات نوعية تهدف إلى رفع نسبة الوعي لدى كافة أفراد المجتمع بمختلف شرائحه، بأهمية الفتاوى ومكانتها وخطورتها خصوصا فيما يتعلق بفتاوى القضايا العلمية المستجدة، والتحذير من فتاوى الأفراد غير المؤسسية والفتاوى المستوردة عبر مختلف المنصات الإعلامية والرقمية؛ لوقاية المجتمعات وسلامتها، إضافة إلى عناية المؤسسات التعليمية والأكاديمية والجامعات بتصميم مساقات أكاديمية تؤسس لنظرية الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية وتطبيقاته الواقعية بمختلف جوانبه النظرية والتطبيقية بالتنسيق مع المؤسسات وجهات الإفتاء الشرعي.
كما دعا المؤتمر إلى تعزيز مأسسة الإفتاء الشرعي وحوكمته، والاستفادة من التجارب والخبرات الناجحة؛ وتعميق أواصر التعاون بينها، وتصميم المناهج؛ لتدريب الكوادر الإفتائية وتمكينها، وخلق بيوت الخبرة؛ وسن مزيد من القوانين والتشريعات المعززة لأخلاقيات الاستدامة في التعاطي مع القضايا المعاصرة والذكاء الاصطناعي؛ لضبط الفتوى العامة وفتاوى المستجدات العلمية.
وأكد على أهمية دعم الباحثين في شتى المجالات، وتوفير كافة السبل والأدوات المعرفية؛ للارتقاء بمنظومة البحث العلمي، التي تسهم في خدمة الإنسان ورفاهيته وتحقيق التنمية الوطنية الشاملة، وتحافظ على الهوية الثقافية والإرث الحضاري.
تضمن المؤتمر (6) جلسات: استهلت بجلسة افتتاحية، حظيت بكلمة رئيسية لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان – وزير التسامح والتعايش، وكلمة من رئيس المؤتمر معالي العلامة عبد الله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، تلتها خمس جلسات علمية، تناولت خمسة محاور وهي الإفتاء في المستجدات العلمية: “نحو منهجية منضبطة ومستدامة تتفاعل مع الحاجات الإنسانية”، والفتاوى الشرعية في مجال الفضاء والمناخ واستيعابها للمستجدات العلمية، والفتاوى الشرعية في مجال القضايا الطبية واستيعابها للمستجدات العلمية، والفتاوى الشرعية في قضايا طب الأسرة واستيعابها للمستجدات العلمية، فضلاً عن الفتاوى الشرعية في مجال الذكاء الاصطناعي واستيعاب مستجداتها الشرعية.
وتناولت المداخلات والحوارات المعمقة في هذا المؤتمر (10) قضايا معاصرة وتطبيقات واقعية للاستيعاب الشرعي في المجالات الآتية: (الطاقة المتجددة، الجينوم البشري، أداء العبادات في المركبات الفضائية، اللحوم المستنبتة، استئجار الأرحام، بنوك الحليب، زراعة قلب الخنزير في جسم الإنسان، زرع الشرائح الذكية، الروبوتات المستقلة، المتاجرة بالبيانات الضخمة)؛ وذلك عبر الاستنجاد بأدوات الاجتهاد الحضاري، والمبادئ الشرعية العامة، والقيم الكونية؛ لتحقيق استيعاب متزن للواقع والمتوقع وصولًا لتصورات دقيقة ومقاربات شرعية شاملة.