مثّل إطلاق حكومة الإمارات، برنامج “تصفير البيروقراطية الحكومية” مرحلة جديدة في مجال العمل الحكومي، ترتقي بمعايير الأداء فيه وبكفاءته وجودته ومرونته إلى مستويات غير مسبوقة، وخطوة لإعادة صياغة منظومة التميز الإداري تتوّج النموذج الإماراتي المتفرد في الإدارة الحكومية المستقبلية.
وتمثل هذه الخطوة في ثقافة التحول المؤسسي نقلة نوعية في منظومة العمل الحكومي، باتت اليوم من المهام ذات الأولوية القصوى بالنسبة للوزارات والجهات الحكومية، بغرض رفع كفاءة عملها وتسهيل وتسريع الإجراءات اللازمة للوصول إلى خدماتها وبما يتماشى مع توجهات القيادة الرشيدة التي سبقت عصرها من خلال إطلاق برامج ومبادرات التميز الحكومي على المستويين المحلي والاتحادي.
ويقلص البرنامج غير المسبوق عالميا، الإجراءات والاشتراطات الحكومية ويلغي غير الضرورية منها، ويتضمن إلغاء ما لا يقل عن 2000 إجراء حكومي وخفض ما لا يقل عن 50% من المدد الزمنية اللازمة لإنجاز تلك الإجراءات، بجانب تصفير جميع الاشتراطات والمتطلبات غير الضرورية خلال عام، ليتم في نهاية العام الجاري 2024 تقييم نتائج العمل والاحتفاء بأفضل الإنجازات.
والبرنامج ليس وليد الساعة كما يقول المحامي والكاتب حبيب الملا: “لم يكن البرنامج أمرا مفاجئا، بل يعد تتويجا لمسيرة التميز الإداري الإماراتي الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله منذ سنوات طويلة”.
ويصف الملا البرنامج بأنه “جبار” ويحتاج إلى عقلية مختلفة للتعامل معه، خصوصا وأن طبيعة عمل الموظف تخدم البيروقراطية، وعليه فإن هذه المرحلة ستكون بداية حقيقية لتغيير العقلية المتعارف عليها في منظومة العمل الحكومي وستمثل تحديا حقيقيا للموظفين.
وأضاف الملا: “ما يميز هذا البرنامج أنه يبني على ما سبق، أي أن ريادة التميز الحكومي على مستوى الأنظمة والإجراءات ستستكمل وستزداد وتيرتها، وسيتمكن الموظفون من الاستغناء عن الإجراءات الطويلة غير الضرورية، وبالتالي سيعمل الجميع على محاربة الفكر والعقلية البيروقراطية بشكل تدريجي ومدروس، ما سيسهم في تسريع الإجراءات الحكومية.
وأشاد حبيب الملا بالحوافز المالية التي تم الإعلان عنها وقال “إنها ستسهم بلا شك في إنجاح المبادرة الرائدة والفريدة من نوعها عالميا، موضحا أن هناك العديد من الحكومات في العالم تعمل على تطوير منظومتها الإدارية وتقليص الإجراءات غير الضرورية، لكن المبادرة الإماراتية مختلفة في تشجيع فرق العمل من خلال تخصيص حوافز مالية مشجعه تصل إلى مليون درهم وهي تجربة جديرة بالاهتمام ونهج متميز”.
جدير بالذكر أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة أطلقت مؤخرا نموذج التميز الحكومي الإماراتي الجديد، ليكون مرجعية حكومية موحدة في مجالات التميز والريادة والجودة الشاملة، وذلك ضمن الاجتماعات السنوية للحكومة التي عقدت مؤخرا في أبوظبي بحضور عدد من المسؤولين والقيادات والوزراء في الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية.
ويهدف النموذج الجديد إلى تقليل الوقت والجهد على الجهات المعنية، واختصار عدد الخطوات ومتطلبات عملية التقييم، وتشمل التغييرات فيه تطوير أداة تقييم جديدة مبسطة تركز على النتائج ومستويات الإنجاز، وتغيير معايير استقطاب الخبراء والمقيّمين العالميين، وزيادة التركيز على الكفاءات الوطنية في عمليات التقييم.