تتصدر الإمارات قائمة الدول التي تعمل على تسريع ملف التحول العالمي نحو النظم الغذائية والزراعية المستدامة، التي ستكون في صميم جدول أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28” المقرر انعقاده في “إكسبو دبي” خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر 2023.
وتبرز أهمية هذا الحراك الإماراتي من خلال ما ورد في تقرير “حالة الأغذية والزراعة عام 2023” الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) يوم الإثنين الماضي، والذي كشف أن النظم الزراعية والغذائية الحالية في العالم تفرض تكاليف مستترة باهظة على الصحة والبيئة والمجتمع بما يعادل 10 تريليونات دولار في السنة على الأقل.
وأشار التقرير الذي تضمن “تحليلا مبتكرا” شمل 154 بلدا إلى أن أكبر التكاليف المستترة (أكثر من 70%) تنشأ عن الأنماط الغذائية غير الصحية التي تحتوي على نسبة عالية من الأغذية الفائقة التجهيز والدهون والسكريات التي تؤدي إلى السمنة والأمراض غير المعدية وتسبب خسائر في إنتاجية اليد العاملة.
وأوضح التقرير أن خمس التكاليف الإجمالية يرتبط بالبيئة وينشأ عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والنيتروجين، وتغيّر استخدام الأراضي، واستخدام المياه، حيث تؤثر هذه المشكلة في جميع البلدان دون استثناء.
وأطلقت الإمارات خلال الفترة الماضية مجموعة من المبادرات التي تسهم في تحريك ملف التحول العالمي نحو النظم الغذائية والزراعية المستدامة وتسرع من وتيرة الإنجاز والتقدم فيه.
وفي يوليو الماضي تم الإعلان عن “برنامج مؤتمر الأطراف “COP28″ للنظم الغذائية والزراعة” الذي يهدف إلى تعزيز جهود تحول النظم الغذائية والزراعية العالمية، حيث دعت رئاسة مؤتمر الأطراف “COP28” جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى زيادة الالتزام بتوسيع نطاق الحلول، مع تركيز الاستثمار وتعزيز الشراكات نحو الأفكار التحويلية.
ومن خلال الإعلان عن البرنامج الجديد، تشجع رئاسة المؤتمر جميع بلدان العالم على التوقيع على “إعلان القادة حول النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي”، والذي تلتزم البلدان بموجبه بتحول النظم الغذائية وتتعهد بالسعي لإيجاد حلول مبتكرة وطموحة للقضايا المتعلقة بالأغذية.
وإضافة إلى ذلك، تدعو رئاسة “COP28” من خلال برنامجها مجموعة من المعنيين والشركات ومنظمات المزارعين ومنظمات المنتجين والجهات الفاعلة الأخرى غير الحكومية في قطاعي الأغذية والزراعة، إلى تسريع المبادرات القائمة عبر النظم الغذائية والزراعة والعمل المناخي، وذلك من خلال الإنتاج والاستهلاك ومواجهة فقدان الأغذية وهدرها.
وتعد الإمارات في طليعة الدول الداعمة للابتكار والبحوث الزراعية العالمية من خلال مبادرة “الابتكار الزراعي للمناخ”، التي أطلقتها بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وشركاء آخرين، والتي تستهدف قطاع الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا داخل القطاع الزراعي بهدف الكشف عن فرص للتخفيف من تغيّر المناخ، والتكيف معه بشكل فعّال، وتلبية الاحتياجات الغذائية للتوسع السكاني في المناطق التي تعاني من ضغوط الموارد، وتحفيز النمو الاقتصادي.
وشهدت المبادرة نمواً كبيراً، حيث ارتفعت الاستثمارات من 8 مليارات دولار في نوفمبر 2022 إلى نحو 13 مليار دولار في الوقت الحالي.
وتسعى المبادرة إلى تعزيز المساهمة الاقتصادية للقطاع الزراعي وتوفير فرص عمل أكبر في هذا القطاع الحيوي الذي يوفر أكثر من ملياري فرصة عمل، ويقدم الغذاء لكافة سكان الكوكب.
وانضمت الإمارات، في مايو الماضي وخلال قمة “الابتكار الزراعي للمناخ” في واشنطن، إلى “مبادرة التطور الزراعي” بقيادة المملكة المتحدة، التي تسعى بشكل أساسي إلى جعل الزراعة المستدامة المقاومة للمناخ، الخيار الأكثر جاذبية واعتمادا لدى المزارعين في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030.
وعلى المستوى المحلي تمتلك الإمارات تجربة ناجحة ومميزة لتوفير نظم غذائية وزراعية مستدامة، من خلال الاستثمار في الزراعة العضوية والزراعة العمودية، وحلول الذكاء الاصطناعي والروبوتات، والزراعة المائية.
وتبرز في هذا السياق مجموعة من المشروعات الرئيسية في الدولة، بما في ذلك أكبر مزرعة عمودية في العالم “بستانك”، التي تم إنشاؤها في مشروع مشترك بين شركة الإمارات لتموين الطائرات وشركة “كروب ون”، التي تتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً لها، ووادي تكنولوجيا الغذاء في دبي، ومزرعة “آيروفارمز AgX”، أحدث مزرعة عمودية داخلية متطورة، تركز على البحث العلمي والتطوير في دولة الإمارات والشرق الأوسط.
وتُعد مزرعة الإمارات البيولوجية في أبوظبي أكبر مزرعة عضوية في الدولة، حيث تنتج أكثر من 60 نوعاً من المنتجات العضوية المحلية خلال الموسم، بالإضافة إلى أكثر من 1200 بيضة عضوية يومياً.
وترحب المزرعة بالعائلات والأفراد المهتمين بالصحة، كما يزورها العديد من الأشخاص الذين يرغبون في التعرف على أنظمة الغذاء المستدامة أو حتى قضاء يوم في الخارج، لمعرفة من أين يأتي طعامهم.
جدير بالذكر أن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 تهدف إلى تطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء.