حملت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، السلطات الإسرائيلية مسؤولية ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع خلال عملياتها وهجماتها العسكرية في غزة في منذ 7 أكتوبر الماضي، كما حملت أيضا مجموعات فلسطينية مسلحة في غزة مسلحة المسؤولية أيضا عن ارتكاب جرائم حرب في إسرائيل.
جاء ذلك خلال تقريرها الأول والشامل، الذي أصدرته اليوم في الأمم المتحدة، حول الأحداث التي وقعت إعتبارا من 7 أكتوبر حتى اليوم/ مؤكدة على أنها إستندت في نتائج تحقيقاتها على المقابلات التي أجرتها عن بُعد مع ضحايا وشهود، إلى جانب الشهود الذين قابلتهم عبر بعثاتها التي أرسلتها الى تركيا ومصر، فضلا عن آلاف المعلومات المستمدة من مصادر علنية تم التأكد منها عبر التحاليل الجنائية المتقدمة ومئات التقارير.
وجد التقرير أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين، ترقى إلى مستوى التحريض وقد تشكل جرائم دولية خطيرة أخرى.
وذكر أن التحريض المباشر والعلني لارتكاب الإبادة الجماعية، أينما وقع، يُعد جريمة بموجب القانون الدولي، حتى لو تم من قبل أفراد ليس لديهم سلطة مباشرة للقيام بالأعمال العدائية. وأضاف أن التحريض على التمييز أو العداوة أو العنف هو انتهاك خطير للقانون الدولي لحقوق الإنسان وقد يرقى الى مستوى الجريمة الدولية.
ولفت التقرير إلى أن الكثيرين من سكان قطاع غزة إضطروا للنزوح عدة مرات منذ بدء الحرب، بحثا عن الأمان.
ونوه إلى أنه وبالرغم من إصدار إسرائيل لمئات أوامر الإجلاء للسكان في شمال غزة ومواقع أخرى، خلصت اللجنة الى أن أوامر الإجلاء كانت غير كافية أو واضحة، بل متناقضة ولم توفر الوقت الكافي لعمليات الإجلاء الآمنة.
ولفت إلى أن طرق الإجلاء والمناطق التي اعتبرت آمنة تمت مهاجمتها باستمرار من قبل القوات الإسرائيلية، ووفق اللجنة قد يرقى كل ما سبق إلى مستوى النقل القسري.
وأكد التقرير أن إسرائيل فرضت “حصارا كاملا” يرقى إلى مستوى عقاب جماعي ضد السكان المدنيين. وقالت إن إسرائيل استخدمت الحصار وحجب ضروريات الحياة كسلاح في سبيل تحقيق المكاسب الاستراتيجية والسياسية.
وانطبق الأمر كذلك على قطع إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود وغيرها من المساعدات الإنسانية. وذكرت أن الحصار يؤثر بشكل غير متناسب على النساء الحوامل وذوي الإعاقة مع إلحاق ضرر جسيم بالأطفال مما أدى الى وفيات لأطفال كان يمكن تفاديها جراء التجويع بما في ذلك المواليد الجدد.
خلص التقرير إلى أن أنواعا محددة من العنف الجنسي والجنساني (المرتبط بالنوع الاجتماعي) هي جزء من إجراءات قوات الأمن الإسرائيلية التشغيلية. ووصل التقرير إلى هذا الاستنتاج بحكم معدل تكرار وانتشار وجسامة الانتهاكات بما فيها نزع الملابس والتعرية العلنية القسرية “بنية إذلال المجتمع ككل في سبيل التأكيد على تبعية الشعب المحتل”.
دعت اللجنة في توصياتها إلى أن تقوم حكومة إسرائيل بتطبيق فوري لوقف إطلاق النار وإنهاء الحصار على غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية ووقف استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية. ودعت للامتثال الكامل لالتزاماتها القانونية التي حددتها أوامر محكمة العدل الدولية بشأن الإجراءات الاحتياطية التي صدرت في 26 يناير وفي 28 مارس و 24 مايو وبالتحديد السماح بوصول اللجنة إلى غزة للتمكن من إجراء التحقيقات.
وأوصت أيضا بأن تقوم جميع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي بالتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية.
ودعا التقرير إلى أن تقوم حكومة دولة فلسطين وسلطات الأمر الواقع في غزة بوقف فوري لجميع الهجمات الصاروخية على إسرائيل والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن والتحقيق الشامل والمحايد في الانتهاكات ومحاكمتها بما فيها المرتكبة في ومنذ 7 تشرين الأول / أكتوبر من قبل أفراد في المجموعات الفلسطينية المسلحة غير الحكومية في إسرائيل.
وأكد بيان صحفي صادر عن رئيسة لجنة التحقيق نافي بيليه، على أن السلطات الإسرائيلية أعاقت تحقيقات اللجنة ومنعت وصولها الى إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة.، وشددت على ضرورة محاسبة جميع مرتكبي هذه الجرائم. وأكدت على أن الطريقة الوحيدة لوقف تكرار دورات العنف التي تشمل الاعتداء والانتقام من قبل الطرفين تكمن في ضمان الامتثال الصارم للقانون الدولي.
وشددت على أهمية أن تتقيد إسرائيل بالإيقاف الفوري لعملياتها وهجماتها العسكرية على غزة واعتداءاتها على رفح الذي أودى بحياة مئات المدنيين ونزوح مئات آلاف الناس إلى مناطق غير آمنة تفتقد الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية.
كما شددت أيضا على أهمية تقيد حركة حماس والمجموعات الفلسطينية المسلحة، بالوقف الفوري لإطلاق الصواريخ والإفراج عن جميع الرهائن. وذكرت أن أخذ الرهائن يُعتبر جريمة حرب.
وبشأن عمليات إسرائيل العسكرية وهجماتها على غزة، خلصت اللجنة إلى أن السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن جرائم حرب مثل التجويع كوسيلة حرب والقتل العمد وتوجيه الهجمات بشكل متعمد ضد المدنيين والأعيان المدنية والنقل القسري والعنف الجنسي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية والاحتجاز التعسفي والاعتداء على كرامة الشخص.
وخلصت إلى انه تم استهداف رجال وصبيان فلسطينيين عبر جرائم ضد الإنسانية مثل الإبادة والاضطهاد الجنساني بالإضافة الى جرائم القتل والنقل القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية.
وذكرت أن الأعداد الهائلة للضحايا المدنيين والدمار واسع النطاق للأعيان والبنى التحتية المدنية الأساسية في غزة هي نتائج حتمية للاستراتيجية التي تم اعتمادها “بنية إحداث أكبر قدر من الدمار مع إهمال مبادئ التمييز والحيطة والتناسب”. وقالت اللجنة إن الاستخدام المتعمد للأسلحة الثقيلة ذات القدرات التدميرية العالية في المناطق السكنية المكتظة يشكل هجوما متعمدا ومباشرا على السكان المدنيين.