تواصل دولة الإمارات دورها البارز في دعم الجهود العالمية لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية التي تعتبر أحد أبرز أسباب الوفيات حول العالم، من خلال مبادرات واستراتيجيات عدة، وذلك التزاماً منها بنهج راسخ قائم على المشاركة الفاعلة في العمل الإنساني والمساهمة في استقرار وتمكين المجتمعات والاهتمام بسلامة وصحة الإنسان.
وتتعدد جهود دولة الإمارات في هذا الجانب من حيث الاستثمار في الأبحاث الطبية والتكنولوجيا الصحية المتطورة لتطوير طرق جديدة للوقاية والعلاج من أمراض القلب، إضافة إلى المساهمة في إنشاء مستشفيات ومراكز طبية متخصصة في العديد من دول العالم مجهزة بأحدث التقنيات الطبية بهدف دعم الصحة العالمية وإحداث تغيير حقيقي في واقع المجتمعات ونشر الأمل للجميع.
وتتكامل هذه الجهود مع الدعم الجديد الذي قدمته “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم” بقيمة 220 مليون درهم، لمؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب للإسهام في تنفيذ خطط التوسع وتعزيز قدرتها على تقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية، ليصل إجمالي الدعم المقدم للمؤسسة إلى نحو 320 مليون درهم، وذلك تحت مظلة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”، حيث سيخصص الدعم لتنفيذ عمليات التوسعة الطموحة لمركز مجدي يعقوب العالمي للقلب، لمواكبة الاحتياجات المتزايدة على الرعاية الصحية في مجال جراحة القلب والأوعية الدموية.
ويعكس الدعم الجديد لمؤسسة مجدي يعقوب للقلب الرؤية الإنسانية لدولة الإمارات في تقديم المساعدات وتعزيز الرعاية الصحية في المنطقة، كما يشكل امتداداً لرؤية مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ومشاريعها الكبرى والمتواصلة في المنطقة والعالم لدعم وتمكين القطاعات الأكثر حيوية وتأثيراً على حياة الناس مباشرة وخصوصاً القطاع الصحي.
ويساهم هذا الدعم في توسيع نطاق الخدمات الصحية المتخصصة التي تقدمها مؤسسة مجدي يعقوب للقلب، بما في ذلك علاج أمراض القلب والأوعية الدموية للأطفال والكبار، مما يعزز من الجهود المشتركة لتحسين جودة الحياة للأفراد المحتاجين للرعاية الصحية.
كما يساعد الدعم الذي قدمته مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم سابقاً لإنشاء المركز ومبادراتها المستمرة لتعزيز قدراته، إضافة إلى الدعم الجديد، في تحقيق أهداف المركز في التحول إلى مركز عالمي للرعاية القلبية والبحث والابتكار، ونشر الشفاء والأمل والصحة للجميع، بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
وتعمل دولة الإمارات على تنفيذ عدد من المبادرات والبرامج الدولية للمساهمة في الحد من انتشار أمراض القلب، حيث دشنت الدولة مؤخراً بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، برنامج مستشفيات الإمارات العالمية الذي يهدف إلى تحسين الرعاية الصحية حول العالم.
ويأتي إطلاق البرنامج في إطار مبادرة “إرث زايد الإنساني” التي تهدف إلى بناء 10 مستشفيات، مخصصة لتلبية الاحتياجات الصحية المتخصصة للمجتمعات المستفيدة بدعم مالي يبلغ حوالي 550 مليون درهم.
وسيعمل البرنامج على بناء عدد من المستشفيات وتطويرها في المجتمعات التي تعاني نقصاً في البنية التحتية الصحية، بهدف تعزيز الرعاية الصحية.
ويمثل إطلاق “مستشفى الإمارات – إندونيسيا لأمراض القلب” الذي يتم بناؤه حالياً في مدينة سورا كارتا “سولو” جاوة الوسطى، أولى محطات البرنامج الإماراتي، وسيقدم المستشفى خدمات حيوية إلى آلاف المرضى الذين يعانون من أمراض القلب التي تعد سبباً رئيساً للوفيات في إندونيسيا، في ظل ازدياد أمراض القلب والسكتات الدماغية وأعباء هذه الأمراض بشكل كبير، كما يلبي احتياجات السكان الذين يواجهون صعوبة الوصول إلى المنشآت الصحية خاصة في المناطق الريفية والنائية في إندونيسيا.
وتبلغ سعة المستشفى 135 سريراً، ويتميز بمنشآت شاملة تشمل خدمات العيادات الخارجية والداخلية بغرف علاج متخصصة وقسم الطوارئ الحديث، ومن المتوقع أن يضع هذا الصرح الطبي معايير جديدة في رعاية القلب، مما يحسن بشكل كبير نتائج العلاج لمرضى القلب في إندونيسيا.
ويقف معهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لأمراض القلب في مدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان في باكستان، شاهداً على جهود دولة الإمارات في تعزيز الرعاية الصحية على المستوى العالمي، حيث تم افتتاحه في عام 2022، ويقع على مساحة بناء تبلغ 121 ألفاً و406 أمتار مربعة، وبتكلفة قدرها 27 مليوناً و304 آلاف دولار، بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية.
ويعتبر المعهد أول معهد تخصصي لعلاج أمراض القلب في إقليم بلوشستان، والأحدث على مستوى جمهورية باكستان الإسلامية، ويعمل كمركز مرجعي لمستشفيات وعيادات الإقليم في ما يتعلق بتشخيص وعلاج أمراض القلب وتشخيص مرض السرطان لجميع سكان مناطق ومدن إقليم بلوشستان والأقاليم المجاورة، مما يؤهله لتقديم خدمات علاجية تخصصية متميزة على يد كوادر طبية وفنية يتمتعون بالخبرة والكفاءة العلمية.
ويخدم المعهد بشكل مباشر وغير مباشر أكثر من 12 مليون مواطن باكستاني من سكان إقليم بلوشستان الذي يبلغ فيه عدد مرضى القلب نحو 70 ألفاً و900 مريض يتوفى منهم سنوياً أكثر من 1064 شخصاً بسبب عدم توفر العلاج، حيث تشمل القدرة الاستيعابية للمعهد تقديم خدمات التشخيص والعلاج لأكثر من 500 مراجع يومياً و182 ألف مراجع سنوياً، على أيدي كادر طبي يتكون 136 طبيباً واخصائياً إضافة إلى طاقم التمريض والفنيين الذين يبلغ عددهم 350 ممرضاَ وفنياً.
ويتكون المعهد من 17 مبنى، ويضم المبنى الرئيسي للمعهد أقسام العيادات الخارجية والعيادات التخصصية وقسم الحوادث والطوارئ وقسم علاج الأسنان، إضافة إلى غرف العمليات والقسطرة، ووحدات العناية المركزة، وأجنحة التنويم بسعة 120 سريراً، وقسم غسيل الكلى بسعة 18 سريراً للاستجابة لاحتياجات المصابين بحالات الفشل الكلوي وأمراض القلب، إضافة إلى الصيدلية و8 مختبرات متخصصة للفحوصات الطبية “مختبر الأشعة النووية، ومختبر الكيمياء الحيوية، ومختبر علم الدم، ومختبر علم المناعة، ومختبر البكتيريا، ومختبر إنتاج الأحياء الجزئية، ومختبرين لقسطرة القلب”.
وتولي مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية محور الرعاية الصحية ومكافحة المرض اهتماماً كبيراً باعتباره أحد مرتكزات عملها، حيث تطلق مبادرات وحملات علاجية ووقائية وبرامج متنوعة لاحتواء المشكلات الصحية، ومكافحة الأمراض المعدية والأوبئة، ورفع المعاناة عن الأفراد في المناطق الأقل حظاً في أرجاء العالم كافة.
ومدت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية يد المساعدة عبر هذا المحور إلى 9.4 ملايين شخص حول العالم في العام 2023، في حين وصل إجمالي حجم إنفاق المؤسسة على مختلف المبادرات والبرامج والمشاريع ضمنه خلال العام الماضي إلى نحو 209 ملايين درهم، بزيادة بلغت 166.5 مليون درهم عن العام 2022.
ومن هذا المنطلق، تولي مشاريع ومبادرات هذا المحور اهتماماً كبيراً لتوفير الرعاية الصحية الملحة وتطوير الآليات الخاصة بها، إلى جانب دعم وتمويل برامج الأبحاث والدارسات والمنح الطبية، وتأهيل وتمكين الكوادر الطبية، واستثمار كافة الجهود والقدرات لتوفير بيئات صحية مستدامة وضمان الحفاظ على الثروة البشرية للمجتمعات.
وفي هذا المحور، حققت مؤسسة الجليلة، المنضوية تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، منذ إنشائها في عام 2013، إنجازات كبيرة من خلال برامجها ومشاريعها في مجالات التعليم الطبي والبحث ورعاية المرضى وتحسين حياة آلاف الأفراد، حيث قدمت المؤسسة منذ انطلاقتها الدعم الطبي والعلاجي لـ 8 آلاف و768 حالة، 30% منها أطفال يعانون من أمراض مهدِّدة للحياة مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من الأمراض المزمنة.
وخصصت مبادرة صنّاع الأمل، التي تندرج تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، ريع حفلها الختامي في دورته الثالثة لصالح مشروع بناء مركز مجدي يعقوب العالمي للقلب في القاهرة، الذي اختارته المشروع الإنساني العربي، في خطوة تسهم في علاج ملايين المرضى من الفئات الأولى بالرعاية في الوطن العربي.
وتميّز الحفل الختامي لمبادرة صنّاع الأمل في دورتها الثالثة في فبراير 2020 بتقديم العديد من قطاعات الأعمال ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص بدولة الإمارات مساهمات مليونية.
وشهد الحفل حملة التبرع الأكبر من نوعها على الهواء مباشرة، حيث تعهد عدد من رجال الأعمال والمؤسسات في دولة الإمارات بالتبرع لمشروع العام الإنساني ممثلاً في مركز مجدي يعقوب العالمي للقلب بالعاصمة المصرية القاهرة، وبلغ حجم التبرعات في الحفل 44 مليون درهم من رواد الأمل و44 مليون درهم من مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ليصبح المجموع 88 مليون درهم.
ويحقق المركز كافة معايير وشروط اختيار صناع الأمل الفائزين منذ الانطلاقة الأولى للمبادرة، بما في ذلك الأثر الذي يحدثه في المجتمع وقدرته على الوصول بفعالية للشريحة المستهدفة؛ والابتكار في توفير الحلول والمقاربات الخلاقة لتحديات صحية رئيسية في المجتمع؛ مع التزام صاحب المبادرة بها وحرصه على إنجاحها واستثمار كافة الجهود الممكنة لتحقيق ذلك؛ ومدى إمكانية استمرار المبادرة وقدرتها على التطور وتوسيع نطاق تأثيرها مستقبلاً لتشمل أكبر عدد ممكن من المستفيدين؛ بالإضافة إلى إمكانية استنساخ المبادرة أو تطبيقها في مجتمعات تواجه تحديات أو قضايا مشابهة بحيث يشكل المركز نموذجاً قابلاً للتوسع جغرافياً ونقل تجربته إلى مجتمعات أخرى.
كما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، في عام 2023 بإنشاء وحدة الشيخة لطيفة بنت حمدان لجراحات القسطرة القلبية ضمن مركز مجدي يعقوب العالمي للقلب بالقاهرة، من أجل توفير الخدمات العلاجية المجانية وجراحات القسطرة القلبية للأطفال والمرضى الأقل حظاً من مختلف أرجاء الوطن العربي إلى جانب تدريب أطباء وجراحين في هذا التخصص الطبي الدقيق.
وسيتم تجهيز وحدة الشيخة لطيفة بنت حمدان لجراحات القسطرة بشكل كامل لتوفير الخدمات العلاجية المتقدمة على مدار الساعة وتقدم خدماتها بالمجان، وستضم أحدث تجهيزات غرف العمليات التي تعتمد على تطبيقات التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية لإجراء 9,000 قسطرة للأطفال والمرضى سنوياً.
وتطلق دولة الإمارات العديد من المبادرات الإنسانية والطبية لتقديم الدعم والرعاية لمرضى القلب في العديد من دول العالم، سواء من خلال توفير الفحوصات المجانية، والجراحات، وتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية، وتدريب الكوادر المحلية على أحدث التقنيات بما يسهم في تعزيز الجهود المشتركة لعلاج أمراض القلب.
ومن أبرز هذه المبادرات، مبادرة “نبضات” التي تعد مشروعاً طبياً إنسانياً خيرياً وتدريبياً ينطلق من إمارة دبي كحملة علاجية لأمراض التشوهات الخلقية لقلوب الأطفال داخل دولة الإمارات وخارجها، ويأتي تحت رعاية مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وثمرة تعاون بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية وهيئة الصحة في دبي.
وحرصاً من مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية على تنفيذ عمليات الجراحة والقسطرة العلاجية للأطفال المرضى الذين يعانون من تشوهات قلبية، قامت المؤسسة من خلال مبادرة “نبضات” بعلاج 1027 طفلاً، بتكلفة بلغت نحو 3.7 مليون درهم في العام 2023.
كما تستضيف دولة الإمارات بشكل دوري مؤتمرات وندوات عالمية حول أمراض القلب، بمشاركة كبار الأطباء والخبراء لتبادل الخبرات والتجارب، وتقليل معدل الإصابة بأمراض القلب على المستوى العالمي، مع تعزيز مكانة الإمارات كوجهة رائدة في مجال الرعاية الصحية.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تشكّل السبب الأساسي للوفاة في العالم، حيث ينجم عنها وفاة نحو 17.9 مليون إنسان كل عام، وفي مقدمتها اضطرابات القلب والأوعية الدموية مثل مرض القلب التاجي، ومرض الأوعية الدماغية، وداء القلب الروماتيزمي، ويمكن تجنب جزء كبير من هذه الوفيات إذا توفرت مرافق مجهزة بشكل جيد وكفاءات طبية متخصصة.
كما تعد الأمراض القلبية الوعائية من أكثر الأمراض انتشاراً في الوطن العربي.. وبحسب منظمة الصحة العالمية، تشير التقديرات إلى أن 54% من الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية في إقليم شرق المتوسط مثلاً سببها أمراض قلبية وعائية.