أكد مسؤولون حكوميون وأكاديميون أن دولة الإمارات العربية المتحدة تبنت نهجاً متميزاً في مجال الاتصال الحكومي وأولت اهتماماً كبيراً بتوفير معلومات موثوقة وشفافة للمواطنين والمقيمين ونجحت في بناء نظام اتصال حكومي فعال يعتمد على التقنيات الحديثة من جهة ويقوم على الثقة بين الحكومة والجمهور.

وشددوا خلال جلسة “حرب المعلومات وتحديات عولمة الاتصال” ضمن فعاليات اليوم الأول من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2024 التي أقيمت بالشراكة مع “دو” التابعة لشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة ..على أهمية مواجهة تحديات عصر المعلومات مثل انتشار المعلومات المضللة من خلال تعزيز الوعي المجتمعي وتطوير القدرات الوطنية في مجال مكافحة الشائعات والاستفادة من التقنيات المتقدمة في التحقق من المعلومات.

وتحدث خلال خلال الجلسة كل من سعادة الدكتور جمال محمد الكعبي مدير عام المكتب الوطني للإعلام بمشاركة عدنان الريس مساعد المدير العام للعمليات الفضائية والاستكشاف في مركز محمد بن راشد للفضاء والدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة، وهيلين ماكلهيني المديرة التنفيذية لشبكة CDAC وهي تحالف عالمي لوصول المعلومات الموثوقة للعالم في حين أدار الجلسة الكاتب الإماراتي حسن بن ثالث.

وأكد سعادة مدير عام المكتب الوطني للإعلام، أن دولة الإمارات لم تكن بمعزل عن اتساع دائرة تأثير عولمة الاتصال بعد التطور الكبير الذي طرأ على هذه الوسائل، حيث أعطى تمركز القوة الإعلامية في عدد محدود من الدول فرصة لتعزيز تأثيرها العالمي، وهو ما دفع الإمارات إلى اختيار ترسيخ منظومتها القيمية الأصيلة والهوية الوطنية دون أن تخسر رهانها على الانفتاح على الثقافات الأخرى.
وقال سعادته إنه نتج عن عولمة الاتصال تحول الصراع في القرن الحادي والعشرين إلى صراع حول من يملك المعلومة ويسيطر على صناعة الصورة وصناعة الرأي العام وصناعة المعرفة، الأمر الذي حفز دولة الإمارات إلى عدم الاكتفاء باقتناء أحدث التكنولوجيات المتطورة والوسائل والقنوات لتواكب التطور، بل عملت على إنتاج المعرفة وتقديم المادة الإعلامية التي تتوافق والهوية والرؤى والقيم الإماراتية الأصيلة لكي يتم توزيعها عبر هذه الوسائط التكنولوجية.
وتابع: في تقديرنا العولمة لا تعني إهمال الهوية فهي جذورنا وهي أساس نجاحنا، والتحدي الأكبر لنا إعلامياً أن نظل في صدارة العالم مع الحفاظ على هويتنا الأساسية وأن يفتخر كل منا دائماً بأنه ابن الإمارات البلد التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” ويقودها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”.
وأشار سعادة المدير العام للمكتب الوطني للإعلام، إلى أن الإمارات تراعي في بناء استراتيجياتها الاتصالية المؤثرة بناء قنوات اتصال متعددة، وتبني لغة بسيطة وواضحة، وبناء الثقة والشفافية، والتدريب والتأهيل المستمر للكوادر الوطنية، والاستجابة السريعة للأزمات، والتعاون مع وسائل الإعلام.
وعن أهمية اتباع الحكومات ممارسات تجعل المجتمعات أكثر قدرة على مقاومة المعلومات المضللة فضلاً عن تعزيز ثقافة الوقوف على الحقائق، قال سعادة الدكتور جمال محمد الكعبي: في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمعات اليوم، يصبح التحقق من المعلومات أمراً حاسماً يجب غرسه في الطلبة خلال مراحل التعليم المبكرة، إذ يجب أن يتعرف الأطفال إلى كيفية التحقق من صحة المعلومات التي يتلقونها عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، قبل التفاعل معها، مشيراً إلى أن هذا جزء أساسي من دور الحكومات لضمان وصول المعلومات الصحيحة والحقيقية، وبما يضمن تحقيق التكامل بين المواطن والدولة في الحفاظ على الأمن القومي.
وأكد سعادته أن بناء الثقة بين الحكومة والجمهور أمر بالغ الأهمية، خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي نواجهها في مجال الاتصال، ولا سيما مع ظهور التحديات التي نتجت عن استخدامات الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يساهم في انتشار المعلومات المضللة، لذلك يصبح من الضروري تطوير مهارات أفراد المجتمع للتحقق من هذه المحتويات.
واستشهد سعادة المدير العام للمكتب الوطني للإعلام بالحملة التي أطلقها معالي عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام بمبادرة شخصية للقضاء على أصحاب الأجندات الخاصة والأصوات المأجورة التي أخذت في الانتشار في الفترة الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة منوهاً بأنه كان لهذه الحملة دور محوري في توعية الجمهور حول أهمية التحقق من المعلومات وعدم الانجرار وراء التراشق الكلامي الذي قد يفرق بين أفراد المجتمع الواحد، مؤكداً أن التحديات التي تواجه المنطقة تتطلب وعياً وإدراكاً مشتركين لحماية النسيج الاجتماعي من محاولات التفريق والتضليل.
ولفت سعادته إلى أن الحملة أثبتت نجاحها، خاصةً في تسليط الضوء على المخاطر التي تواجه دول الخليج العربي والدول العربية بصفة عامة، منوهاً بضرورة استمرار هذه الجهود لضمان أن تكون منصات التواصل الاجتماعي بيئة آمنة، تخدم مصلحة الأسرة والمجتمع بدلاً من أن تكون مصدراً للانقسامات والشائعات.

بدوره قال الدكتور حميد مجول النعيمي :ستظل تكنولوجيا الاتصال حديثة حتى بعد مئة عام نظراً لتجددها المستمر في كل ساعة والطلبة في مرحلة الجامعة يستخدمون أجهزة الاتصال بمعدل ست إلى سبع ساعات يومياً مما يستدعي مواجهة المعلومات المضللة إضافة إلى ضرورة توفير شبكة إنترنت قوية في الجامعات فالعام 2020 كان من أكثر السنوات التي شهدت انتشاراً للمعلومات المضللة بسبب الأحداث الكبرى مثل جائحة كوفيد-19 .

ودعا النعيمي الجامعات إلى وضع سياسات لاستخدام التقنيات المتجددة وإنشاء إدارات خاصة لمكافحة المعلومات المضللة وتوعية الجمهور بمخاطرها مشيرا إلى جهود جامعة الشارقة في تنظيم ورش عمل لزيادة الوعي وتشجيع الباحثين والطلاب على كتابة الأبحاث والدراسات حول مواجهة المعلومات المضللة وسبل التعامل معها وتعزيز مهارات التفكير النقدي في قطاع تكنولوجيا الاتصال التي تفرض نهجاً جديداً للتعليم والتعلم يتجاوز الحدود التقليدية.

من ناحيته أكد المهندس عدنان الريس على الدور الحيوي للأقمار الصناعية كأداة لتوفير المعلومات من خلال تغطية أماكن مختلفة في العالم موضحا أن الأقمار الصناعية لا تقتصر على جمع المعلومات فقط بل تخلقها أيضاً باستخدام الأدوات المتطورة التي تحتويها مثل الصور الفضائية والأطياف المرئية وغير المرئية مما يجعلها ذات استخدامات متعددة في العديد من القطاعات المعرفية والعلمية.

وقال :تولي الإمارات أهمية كبيرة للأقمار الصناعية وعلوم الفضاء حيث تمتلك برنامجاً فضائياً وقدرات وطنية متطورة وهي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتوفير معلومات دقيقة وموثوقة تساعد الجهات المتخصصة وصناع القرار في التخطيط العمراني والبيئي من خلال الصور الفضائية كما أن إنجازات الإمارات في هذا المجال تجاوزت حدودها حيث تزود بعض الدول الصديقة بالصور الدقيقة أثناء الكوارث الطبيعية مما يساعدها على تحديد المخاطر والمسارعة في مساعدة السكان.

من جهتها تحدثت هيلين ماكلهيني حول تأثير قنوات التواصل الحديثة على العمل الإنساني و قالت في عصر قنوات التواصل الاجتماعي نحصل على الأخبار من مختلف المنصات التي تصاغ فيها الأخبار بأسلوب مختلف تماماً عن الطريقة التقليدية هذا التغيير الكبير أثر بشكل ملحوظ على وكالات العمل الإنساني حيث رأينا تأثيراً سلبياً وتحديات كبيرة نتيجة للمحتوى المتلاعب به في المعلومات خلال بعض الأزمات والكوارث.

وأضافت أن وسائل الإعلام الزائفة أصبحت عملاً مربحاً للبعض وهي تضع مجتمع العمل الإنساني أمام تحديات كبيرة فالناس يجدون صعوبة كبيرة في معرفة من يجب أن يثقوا به في حالات الطوارئ ومن الضروري أن يستقي العاملون في العمل الإنساني معلوماتهم من مصادر موثوقة وأن يصدروا المعلومات إلى الناس بموثوقية لتقديم المعلومات التي تساعد وتبني الأمل في المصابين في تلك الكوارث.

وتمثل الدورة الـ13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي منصة معرفية تهدف إلى مناقشة وتحليل مستقبل الاتصال المبتكر وأثره على الحكومات في تحقيق الأهداف التنموية ويتضمن مجموعة متنوعة من الجلسات والخطابات والحوارات البناءة وورش العمل التي تناقش أهمية الاتصال المبتكر في ظل توجه حكومات العالم نحو تبني مفهوم الحكومات المرنة لتعزيز الابتكار وتطوير الفرص المستقبلية للمساهمة في تعزيز الجهود العالمية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.