رسخت دولة الإمارات الزراعة ركيزة أساسية من ركائز التنمية والحضارة، رغم التحديات البيئية التي تواجهها من طبيعة صحراوية، وشح المياه، وقلة صلاحية التربة للزراعة، والمناخ الجاف، وغيرها من التحديات التي تواجه تنمية القطاع الزراعي.
واعتمدت القيادة الرشيدة منذ تأسيس الدولة خططاً لزيادة الإنتاج المحلي الزراعي، من خلال تشجيع الابتكارات الزراعية واستقطاب الأساليب التكنولوجية الحديثة في الزراعة الأمر الذي يضمن زيادة كبيرة في الإنتاج الزراعي بمعدلات استهلاك قليلة للمياه، مع الاستفادة من الموارد الطبيعية.
وشكلت المقولة المأثورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه : “أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة” بوصلة توجّه خطط التنمية خلال مسيرة الدولة الإمارات، وحققت نتائج وثماراً كبيرة نهضت بالقطاع الزراعي إلى مستويات عالية.
ويأتي البرنامج الوطني “ازرع الإمارات”، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، ضمن توجيهات القيادة الرشيدة للاهتمام بالقطاع الزراعي وتعزيز دور التكنولوجيا في تطوير أساليب الزراعة، وتشجيع أفراد المجتمع على ممارسة الزراعة وتوسيع الرقعة الخضراء.
وحرص الشيخ زايد “رحمه الله” على تنمية الإمكانيات الزراعية، عبر استصلاح الأراضي الزراعية الجديدة، وبناء الأفلاج، وإنشاء القنوات، إضافة إلى توفير المياه من دون مقابل، واهتم بإنشاء المؤسسات الزراعية المختصة، إذ تم تأسيس “دائرة الزراعة والثروة الحيوانية” في العين عام 1966.
وظهر اهتمامه “طيب الله ثراه” بالزراعة مبكراً وتجلى في إطلاق مشروع “بناء البيوت البلاستيكية في جزيرة السعديات” في ستينيات القرن الماضي، ثم تطور اهتمامه بالقطاع عبر إطلاق مشاريع التنمية الزراعية الشاملة في العين ثم في أبوظبي وفي كل أرجاء الإمارات.
لقد كانت قناعته “رحمه الله ”، راسخة في جدوى الزراعة وأهميتها وإمكانية زراعة الدولة رغم آراء العديد من الخبراء الدوليين حينها الذين كانوا يرون استحالة الزراعة في الطبيعة الصحراوية والظروف المناخية الصعبة للدولة إضافة إلى قلة المياه وشحّ الأمطار.
ومن مآثره، طيب الله ثراه، في هذا الميدان أنه أمر بتغيير نظام السقاية السائد في حينها وإلغاء بيع حصص المياه الزراعية ووضع نظام للري وإصلاح الأفلاج وتوسيع شبكة الري.
واستكمالاً لمسيرة الشيخ زايد، وبتوجيهات قيادة الدولة، واصلت الإمارات مبادرات ومشاريع وشراكات إستراتيجية لضمان استدامة القطاع الزراعي، وبذلت جهداً واضحاً طوال العقود الماضية لبناء قطاع مرن ممكن بالتكنولوجيا للمساهمة في الأمن الغذائي ومنظومة الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال تبني أنماط زراعية مستدامة وذكية مناخياً تُركّز على الاستثمار الأمثل لوحدة الأراضي الزراعية وجودة المنتج المحلي وتعزيز قدرته على المنافسة، وتعزيز برامج مكافحة الآفات الزراعية والحد من الفقد والهدر على طول السلسلة الغذائية، وتطوير قاعدة وطنية من الدراسات والبحوث العلمية في المجال الزراعي، فضلاً عن إطلاق المبادرات والمشاريع المهمة لزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، وتحسين المردود الاقتصادي لقطاع الزراعة، وزيادة الاستثمارات والقوى العاملة في القطاع.

a7t08w381k80xs9pn

hot08w391k80xs9pn

ويحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” ، على دعم العاملين في القطاع الزراعي، وتشجيع المشاريع الطموحة لأبناء الإمارات الذين يطبقون خلالها أحدث النظم والتكنولوجيا الزراعية والتقنيات لتوفير أجود المنتجات الزراعية والتي تسهم في تحقيق الأمن الغذائي المستدام في الدولة.
كما يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في توجيهاته أهمية تعزيز الإنتاج المحلي في القطاعات الزراعية الحيوية كونه ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة للدولة.
وأطلقت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية بتوجيه ودعم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارتها، منصة “بيانات الزراعة والأمن الغذائي لإمارة أبوظبي”، التي تُعَدُّ أداةً إستراتيجيةً لدعم اتخاذ القرار بشأن قضايا الأمن الغذائي والزراعة في إمارة أبوظبي.
وأسس المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، “رحمه الله” ، جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، في عام 2007 تقديراً للجهود والإسهامات البارزة التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات في مجال الابتكار الزراعي ونخيل التمر، وتعتبر دورة العام المقبل 2025 هي الدورة السابعة عشرة للجائزة.
وقد شهدت الجائزة خلال هذه الفترة نمواً كبيراً في عدد الفائزين المواطنين بالقياس مع عدد الفائزين من باقي دول العالم.
ومن الجوائز أيضا، جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي التي أطلقت دورتها الأولى في عام 2023، واستقطبت في دورتيها الأولى والثانية 676 مشاركاً في الفئات الرئيسية للجائزة.
من جانب آخر، تمثل تربية النحل وإنتاج العسل أحد جوانب التنمية الزراعية المستدامة الداعمة لمنظومة الأمن الغذائي، لأهميته البيئية في عملية التلقيح المرتبطة بإكثار النباتات والأشجار.
وتنتشر على امتداد الدولة موائل طبيعية عديدة لتربيته وجني العسل بمختلف أنواعه، حيث يوجد في الدولة أكثر من مليون و200 ألف خلية نحل تنتج آلاف الأطنان من العسل سنوياً للاستهلاك المحلي والتصدير، بحسب الجمعية العربية لتربية النحل.
وعززت قيادة الإمارات مفهوم الزراعة المستدامة لدى أبنائها، ومكنتهم من التكيف مع شح الموارد المائية وابتكار أساليب ري متطورة في وقتها ترشد الاستهلاك وتخدم المنظومة الزراعية بما يضمن استمراريتها.
ورسخت أسس الاهتمام بالزراعة المحلية من خلال قوانين وتشريعات ناظمة وداعمة لها، وحرصت على إنشاء جهات حكومية تعنى بالزراعة وحماية الطبيعة، فقد تم إنشاء وزارة الزراعة والمياه والثروة السمكية في عام 1971، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، وتشكيل نظام حوكمة لمنظومة الأمن الغذائي على مستوى الدولة من خلال مجلس الإمارات للأمن الغذائي.
وجاء قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أصدره في يوليو 2018 ليقدم إطاراً ناظماً لشؤون الزراعة المجتمعية والمنزلية.
وأثمرت جهود وتوجيهات القيادة الرشيدة في دعم القطاع الزراعي المحلي عن دخول الإمارات عام 2009 موسوعة جينيس كأول دولة في العالم بأعداد شجر نخيل التمر، وتعتبر أول دولة في العالم تدخل الموسوعة حيث جرت العادة أن يحصل الأفراد أو المؤسسات على شهادات الموسوعة.
كما ينتج القطاع الزراعي مجموعة واسعة من النباتات تصل إلى أكثر من 6600 نوع من النباتات، والمصنفة إلى 65 نوعاً مختلفاً منها النباتات الصالحة للأكل وأشجار الفاكهة والنباتات الطبية والزهور والتوابل والشجيرات والأعشاب والنباتات التي تستخدم في المنتجات الصناعية والنباتات المعمرة وغيرها.