أكد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس مجلس الشارقة للإعلام أهمية الاعتناء والاحتفاء بالصورة لما أثبتته من أدوار استثنائية يمكن أن تلعبها وذلك عبر توثيق اللحظة التاريخية الفارقة، وشهادتها على الحقائق وقدرتها الفائقة على التغلب على الكلمات والتعبيرات، وذلك خلال مسيرة المصورين الطويلة في مختلف المجالات والحقول والأماكن حول العالم.
جاء ذلك، خلال كلمة سموه التي ألقاها صباح اليوم في حفل افتتاح النسخة الثامنة من المهرجان الدولي للتصوير “اكسبوجر 2024″، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، في الفترة من 28 فبراير حتى 5 مارس المقبل، في مركز إكسبو الشارقة، ويحتفي بأعمال 400 مصور و2500 صورة تعكس تجارب ورؤى الفنانين من مختلف أنحاء العالم.
وقال سموه مخاطباً المصورين // إن عدستكم أيها المصورون تغلبت على سرديات كنا نظن أن تغييرها من المستحيلات، فتفوقت على دعايات إمبراطوريات إعلامية، كلّف إنشاؤها مليارات الدولارات، وأثبتت أنّ العالم لا يحتاج إلى سنوات طويلة لبلورة رأي عام حول قضية إنسانية، بل يحتاج إلى صورة واحدة فقط، تحمل الحقيقة بكل أمانة؛ ففي مشاهد تاريخية لا تنسى، وقفت عدسات المصورين لتشكل الفارق الحاسم بين الحياة والموت، لتثبت أنها حليفة الضحية وعدوة الجاني، فصاروا يلجؤون إلى خنقها بقطع الاتصالات وفرض الحصار على عيون العالم لهذا نحن هنا اليوم لا لنحتفي بافتتاح هذا المهرجان كما اعتدنا بل لتكريم بطولة المصورين وتقدير دور الصورة وقراءة الاستحقاقات المستقبلية أمام ما أثبته هذا الفن العظيم من قدرة وإمكانيات //.
وتناول سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي أدوار الصورة وقدرتها على الإلهام والتأثير، قائلاً // خلال الأشهر الأربعة الماضية، تخطت الصورة، ومعها دور المصورين بطبيعة الحال، كافة الأدوار التي عرفناها سابقاً؛ لقد رأينا الصورة شاهداً على الحقيقة في أعرق المحافل القانونية الدولية، ورأيناها أيقونة للعدالة والحرية في شوارع العالم أجمع، وباتت القول الفصل في السياسات والقرارات والتوجهات الدولية أكثر من أي وقت مضى //.
وأضاف سمو نائب حاكم الشارقة // في قلب هذه الأحداث كان للمصورين وللصورة دور البطولة وهو الدور الذي فتح للشعوب نافذة على العالم يخاطبونه من خلالها ليطرحون قضيتهم ويعبرون عن مأساتهم ويشاركون الملايين أحلامهم العادلة وأفضل مثال على ذلك الشعب الفلسطيني في غزة فمأساة أكثر من مليونين من المحاصرين والمجوّعين والمستهدفين بالقتل في كلّ لحظة دفعت العالم أجمع إلى إعادة قراءة ما كان سائداً من قبل حول القيم والأعراف الدولية ومنظومة الحقوق الإنسانية ودور الفرد في التغيير وواجبه الإنساني تجاه الآخرين وهو ما يجعلنا نقول: إننا أمام مرحلة جديدة وعهد عالمي جديد بالمطلق، لقد تأكد لنا خلال المرحلة الماضية أن كلّ ما قلناه سابقاً عن الصورة لم يكن يوفيها حقّها كما يجب، بل أثبتت الصورة أنها الصديقة المخلصة والوفية للشعوب، وأن لا حياة لها ولا أثر إلا إذا كانت بجانب الحقيقة، وأن الحكاية التي تحملها عصية على التزييف حتى بأكثر التقنيات تقدماً؛ لأنها ابنة الواقع، ولا يمكن عزلها عن الظروف التي أنتجتها مهما كانت المحاولات //.
وأشار سموه إلى ما تنقله الصورة بصدقٍ وإخلاص في كافة المواقف، قائلاً // كلنا يتمنى ألا تنقل لنا الصور سوى جمال هذا الكون وروعته وثراء لوحته، لكن تأبى الصورة إلا أن تظل صاحبة قضية ملتزمة بواجبها تجاه من يعانون في كل مكان من هذا العالم، وكأنها تقول: سأروي للعالم عن السلبيات حتى تتسع دائرة من يعملون من أجل الإيجابيات، وسأنقل للعالم آثار الظلم حتى تعمّ المحبة والعدالة //.
واختتم سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي كلمته، قائلاً // منذ أن التقينا في العام الماضي وإلى يومنا هذا تغيّر العالم؛ لم يكن التغيير هذه المرة جزئياً أو عابراً، بل جاء شاملاً وجذرياً وعميق الأثر، خاصة فيما يتعلق بالمعرفة الإنسانية والوعي والتصورات حول الحياة. ولا نبالغ إذ قلنا إن الشعوب لن تعود كما كانت عليه قبل الأحداث المهولة والمآسي الجسيمة التي مرت بها ولا تزال //.
وتابع سموه والحضور خلال حفل الافتتاح تسجيلاً مرئياً يبرز المخاطر التي يتعرض لها المصورون في توثيقهم للأحداث والنزاعات، والحقيقة التي تنقلها الصور للمآسي الإنسانية والكوارث الطبيعية، وكيف أنها تشعل شموع الأمل لتعزيز مناصرة المحرومين والمستضعفين في العالم، وتؤكد أن في العالم ملايين البشر ممن هم بأمسّ الحاجة إلى نقل واقعهم، وأن الصورة عنصر رئيس للوصول إلى عالم يعمه الأمن والسلام والفرح.
وكان حفل افتتاح المهرجان قد استهل بكلمة ألقاها طارق سعيد علاي، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، أكد فيها أن المهرجان يمثل احتفالية عالمية ترسخ أثر الصور في الراهن والمستقبل، وتحتفي بمهمة المصورين في حماية الذاكرة وتوسيع أفق فهم البشر للحياة.
وأشار علاي إلى أهمية المهرجان ومسؤوليات من يعملون في مهنة التصوير، قائلاً // هذه الغاية للمهرجان تتضاعف أهميتها اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ فالعالم يشهد متغيرات متسارعة على كافة المستويات، وليس هنالك ما هو أبلغ من الصورة لتعيننا على فهمها وتبني المواقف تجاهها. لهذا فإن مسؤولية المصوّر تكبر يوماً بعد آخر؛ فإذا كانت الصورة قبل عقود مجرد وثيقة، فإنها أصبحت اليوم حاملة معرفة، وناقلة رسالة، وصانعة تغيير، وقوة تأثير، ومحرك اقتصاد وأداة تنمية //.
واختتم مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، لافتاً إلى ما يقدمه المهرجان الذي يأتي ضمن استراتيجية الشارقة في تطوير العمل الإعلامي بقوله // ونحن نتجوّل في معارض النسخة الثامنة من اكسبوجر، كنا نسمع أصواتاً ونقرأ رسائل أكثر مما نشاهد صوراً؛ كنا نسمع نداءات الطبيعة وهي تستغيث من جراء الممارسات غير المسؤولة، ونقرأ رسائل حكمة من شعوب وقبائل بعيدة، ونتعلم دروس حضارة ونهضة. لهذا فإننا في الشارقة نفتح أمامكم منصة دوليّة، تجمع نخبة مصوري العالم؛ لنؤكد أهمية الصورة ودور المصوّر، وفي الوقت نفسه، نبني معارف ومهارات الجيل الجديد من المصورين؛ فإذا كان العالم يحتاج إلى شيء اليوم، فإنه يحتاج إلى مصورين أمناء يعيدون تقديم الحياة والواقع بعدسات صادقة لنرى الجمال والحق والسلام من جديد //.
وألقت المصورة الصحفية نيكول تانغ، التي اشتهرت بعملها في تغطية النزاعات والقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط وأنحاء أخرى من العالم، كلمة رئيسةً في المهرجان، أكدت فيها على الدور الحيوي الذي تلعبه الصورة الصحفية في دعم قضايا العالم وتسليط الضوء على الحقائق المهمة التي لا ينبغي نسيانها.
وقالت // الصورة تعكس لنا العديد من الجوانب التي ينبغي علينا أن نبقيها في ذاكرتنا، فتوثيق الأحداث يجعلنا نشعر بقربنا من تجارب الأشخاص الذين يعيشون في ظروف صعبة، والمصورون الصحفيون يتعرضون لمخاطر لا مثيل لها من أجل تقديم الحقيقة، ومن خلال عدستهم، يوثقون لحظات الفرح والألم، الانفصال والتهجير، وينقلون هذه القصص للعالم بأسره //.
وشددت تانغ على أن المصوّر الصحفي هو الشاهد الصامت، الذي يحمل مسؤولية كبيرة على عاتقه، فهو ليس مجرد مُلتقط للصور، بل هو راوٍ للأحداث والتجارب، يجعل من التوثيق المصور جسراً بين الحدث والجمهور، حيث يستخدم الصور ليروي لنا حكايات البشر والأماكن والأحداث. مشيرة إلى أن الصورة في الكوارث الطبيعية ومناطق النزاعات تكتسب قوة خاصة تثير فضول الجمهور العام.
وأضافت // التصوير يساهم في إحقاق العدالة، حيث يكشف الأوجه المظلمة، ويساهم في تغيير الواقع، ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن هذا العمل يضاعف الأخطار ويترجم أحياناً إلى مخاطر كبيرة على المصورين الذين يسعون لإظهار الحقيقة أمام العالم //.
كما ألقت بيث والد، مصورة الأفلام الوثائقية والمتخصصة في التصوير الوثائقي والثقافي، كلمة رئيسة أشارت فيها إلى امضائها جزءاً كبيراً من حياتها في توثيق العلاقة بين الناس والطبيعة والثقافات، وعملت مع مؤسسات تسعى لإنصاف الطبيعة، ومن خلال عدسة الكاميرا، وثقت جهود نساء يعملن على تخفيف حدة النزاعات الاجتماعية بين القبائل في مناطق متعددة من العالم.
وأضافت // عندما كنت طفلة، كانت الغابات تغطي 70٪ من الأرض، وكانت الطبيعة تزدهر، أما اليوم، فتبلغ نسبة الغابات فقط 25٪، ومع هذا الفقدان، نشهد خسارة في التنوع البيئي والثقافي وأنماط الحياة، بسبب إفراطنا في استغلال الكوكب بشكل ملحوظ. ومع ذلك فإنني مؤمنة بأن لدينا القدرة على التغيير وتصحيح المسار، ويجب أن نتحرك ونحفز الآخرين للتحرك أيضاً //.
وأكدت بيث والد أن رسالتها من خلال الصور تتمثل في إخبار العالم بأن كل مكان يفقد خضرته يجعلنا ندق ناقوس الخطر، ومن هنا فإنها تسعى إلى خلق الحلول التي تكفل حماية المناطق التي لم تتضرر، وإعادة ترميم الأراضي المتضررة، والتي ينبغي أن تتزامن مع الحفاظ على الكائنات الحيّة، التي ترصدها أيضاً في صورها، مشددة على أن تدهور النظام البيئي يؤثر على جودة الهواء والتربة والماء، وأنه لا يمكن أن نفصل بين الناس وأرضهم، فهم أصحاب الأماكن والمحافظون على توازن الحياة على الكوكب.
وخلال حفل الافتتاح، كشفت شركة لايكا، الرائدة في صناعة آلات التصوير، بالتعاون مع اكسبوجر 2024، عن إصدار خاص يحمل اسم إمارة الشارقة من كاميرتها المونوكروم، والذي تم تصنيع مئة وخمسين كاميرا منه فقط، وذلك في مبادرة استثنائية في تاريخ المهرجان، وتاريخ واحدة من أعرق شركات تصنيع الكاميرات في العالم.
وعقب نهائية حفل الافتتاح، تجول سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، برفقة الحضور وضيوف المهرجان، في أروقة المهرجان وأقسامه المتنوعة، حيث تعرف سموه على ما يضمه المهرجان من معارض متنوعة، واستمع سموه إلى عدد من المصورين حول أعمالهم والقصص الملهمة التي تقف وراء لقطاتهم المتميزة ومشاركتهم في المهرجان، كما زار سمو نائب حاكم الشارقة جانباً من المعرض التجاري الذي يشهد مشاركة العديد من الشركات الرائدة في مجال التصوير الضوئي والسينمائي، حيث اطلع سموه على آخر ما تقدمه التطورات والتقنيات في عالم التصوير.
ويشكل المهرجان الدولي للتصوير “اكسبوجر” احتفاءً بالسرد البصري، ويجمع أعمال 400 مصور، وينظم أكثر من 200 فعالية يقدمها 150 من أفضل مصوري العالم، بالإضافة إلى 90 معرضاً فردياً وجماعياً، وأكثر من 79 حواراً ملهماً، وأكثر من 27 عرضاً سينمائياً لأفلام وثائقية قصيرة وطويلة، وأكثر من 66 ورشة عمل مع خبراء صناعة التصوير، إلى جانب أكثر من 50 جلسة تقييم للسير الفنية، وجولات تعريفية، وحفلات توقيع كتب، ومعرض تجاري لـ 18 من كبرى العلامات العالمية المتخصصة بمعدات التصوير، وتشمل فعاليات المهرجان، ورش عمل، وجلسات نقاشية وحوارات ملهمة، وعروضاً سينمائية، ومسابقات، وجوائز، على مساحة تجمع بين الفن والتعليم والترفيه، وتتيح الفرصة للتعرف على ثقافات وفنون العالم طوال أيام المهرجان السبعة.
كما يتيح المهرجان للجمهور فرصة التعرف على تجارب مبدعين وفنانين ومتخصصين في الفنون المرئية بمختلف أنواعها من مختلف المدارس والأماكن حول العالم، ويفتح المجال أمام العاملين في الصناعات الإبداعية من مصممين، وصناع أفلام، ومخرجين للتواصل مع نخبة من العاملين في مجال إنتاج المحتوى المصوّر، إلى جانب لقاء قادة فكر وصنّاع رأي من المتخصصين بقضايا حماية البيئة والمناصرين لقضايا إنسانية على مستوى العالم.
حضر حفل افتتاح النسخة الثامنة من المهرجان الدولي للتصوير “اكسبوجر 2024″، إلى جانب سمو نائب حاكم الشارقة، الشيخ محمد بن حميد القاسمي رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، والشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي مدير عام دائرة الشارقة الرقمية، والشيخ سالم بن محمد بن سالم القاسمي مدير هيئة الإنماء التجاري والسياحي، والمهندس عمر حريمل الشامسي رئيس دائرة الموارد البشرية، والمهندس حمد جمعة الشامسي رئيس دائرة التخطيط والمساحة، والدكتور خالد عمر المدفع رئيس مدينة الشارقة للإعلام “شمس”، وعدد من كبار المسؤولين والإعلاميين والمصورين.