شهدت واحة العين خلال النصف الأول من هذا العام إقبالاً كبيراً من الزوار، حيث وصل عدد زائريها إلى أكثر من 300 ألف زائرحيث تعد هذه الواحة الساحرة وجهة مثالية لعشاق التاريخ والطبيعة لما تتيح لهم من فرصة استكشاف تراثها العريق والتمتع بجمالها الطبيعي الخلاب.
وقال عبدالرحمن النعيمي رئيس قسم إدارة مواقع التراث العالمي بدائرة الثقافة والسياحة أبوظبي في لقاء مع وكالة أنباء الإمارات(وام) :”تمثل واحة العين جزءاً من مواقع العين الثقافية المدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2011 حيث تقف الواحة اليوم كأبرز الشواهد على الاستيطان البشري والممارسات الزراعية في هذه المنطقة والذي يعود تاريخها لبدايات العصر البرونزي حوالي 3000 عام قبل الميلاد”.

وتابع:” كان للواحات دور هام في استمرار حضارات تمكنت من تحقيق الاستقرار والازدهار بفضل الإدارة الفعالة والمبتكرة للموارد المائية والتعايش مع البيئة الصحراوية القاحلة والتي نتج عنها استمرارية في المشهد الثقافي الخاص بمدينة العين وما يحوي من شواهد أثرية متبقية من عصور ما قبل التاريخ إلى يومنا هذا كما تثبت الأبحاث الأثرية الجارية أن واحات العين المعروفة حاليا هي استمرار لأنظمة طبيعية وبيئية قديمة منذ أواخر القرن السابع عشر”.
وأوضح النعيمي أن نظام الأفلاج يعتبر مصدر المياه الرئيسي الذي اعتمدت عليه جميع الواحات، حيث كانت المياه تنقل من جوف الأرض إلى مسافات بعيدة في الغالب عبر سلسلة من القنوات الجوفية والسطحية وكانت المياه توزع بصورة عادلة على جميع أراض النخيل، وذلك باعتماد ممارسات الإدارة المبنية على التضامن المجتمعي والصيانة المستمرة حيث تعد مثالاً على الصلة بين الممارسات التقليدية وإدارة المناطق الطبيعية، مشيراً إلى أن الدراسات تدل على أن انسان هذه المنطقة حاول التكيف مع بيئته وإيجاد حلول لحياته اليومية.
وبين النعيمي أن الواحة تحتل موقعاً استراتيجياً يعزز من أهميتها كمركز حيوي ضمن النسيج العمراني لمدينة العين، حيث تعد حوضاً منخفضاً يضم أشجار النخيل والفواكه والخضراوات المزروعة تحت ظلال النخيل التي تروى بمياه الأفلاج، وتمثل بيئة ايكولوجية فريدة ورطبة يمتد تأثيرها ليشمل المناطق المحيطة بها، مما يعزز الأنشطة الزراعية من حولها، نظراً لتوفر التربة الخصبة ومصادر مياه مستدامة للري عن طريق الآبار الجوفية حيث سهلت هذه الظروف الفريدة زراعة محاصيل مثل الشعير والقمح وغيرها، وعززت الإنتاج الزراعي، ولا تزال التمور والمحاصيل الأخرى تزرع حتى يومنا هذا في واحة العين، مثلما كانت تزرع منذ قرون.

وأفاد بأن تركز السكان حول الواحات جعل منها مقراً اقتصادياً واجتماعياً وتاريخياً أثر في تشكيل النسيج الحضري الحالي للمدينة حيث أقرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بأهمية واحات العين بوصفها مستودعاً للموارد الوراثية والتنوع البيولوجي والتراث الثقافي الإماراتي.
وأشار النعيمي إلى أن الواحة تنظم لزائريها العديد من الأنشطة و الفعاليات الثقافية والفنية على مدار العام، مثل سينما الواحة؛ وعطلة نهاية الأسبوع في الواحة وسوق الواحات للتعرف على المنتوجات المحلية وغيرها من الفعاليات والانشطة المجتمعية.